يلبس بها ثوب الثناء قشيبا ويجرّ بها رداء السّعد رقيما، وتقاضت له عوارفنا معارفه الّتي لم يزل عقدها في جيد المراتب السّنيّة نظيما، وتطلّع إليه مكانه فكأنّه بقدم هجرته لم يبرح فيه وإن بعد عنه مقيما- من لم يزل قلمه بصرفه في أسنى ممالكنا الشّريفة كاسمه سعيدا، وطرف نظره فيما يليه من المناصب السّنيّة يريه من المصالح ما كان غائبا ويدني إليه من أسباب التّدبير ما كان بعيدا؛ فما أعمل في مصالح الدولة القاهرة قلما إلا وأقبلت نحوه وجوه الأموال سافرة، ولا لحظ في مهمّات وظائفها أمرا إلّا وعاودته أسباب التّثمير النافرة، ولا اعترض «١» قلمه بنطقه وفكره إلّا وغدت الثلاثة على كل ما فيه عمارة ما يفوّض إليه من الأعمال متضافرة؛ وذلك لما اجتمع فيه من عفّة نفسه وكمال معرفته وطهارة يراعه، واتّصف به من حسن اضطلاعه وجميل اطّلاعه، وجبلت عليه طباعه من نزاهة زانت خبرته ومنّ ينقل مشكورا عن طباعه.
ولما كان فلان هو الّذي حنّت إليه رتبته وتلفّت إليه منصبه ودعته وظيفته النّفيسة إلى نفسها، واعتذرت بإقبالها إليه في يومها عن نشوزها عنه في أمسها، واشتاقت إلى التّحلّي بفضائله الّتي لم تزل تزهى بما ألفته منها على نظرائها من جنسها- اقتضت آراؤنا الشريفة أن نجمّل لها عادتها ونجدّد له من الإحسان بمباشرتها السّعيدة إعادته، ونعيد إليه بمباشرة نظره الجميل مسرّته الّتي ألفها وسعادته.
فلذلك رسم ... - لا زال برّه لعماد الدّين رافعا، وأمره بالإحسان شافعا- أن يفوّض إليه نظر المملكة الحلبيّة على عادة من تقدّمه.
فليباشر هذه المملكة الّتي هي من أشهر ممالكنا سمعة، وأيمنها بقعة، وأحسنها بلادا، وأخصبها ربا ووهادا، وأكثرها حصونا شواهق، وقلاعا [سوامي]«٢» سوامق، وثغورا لا تشيم ما افترّ منها البروق الخوافق، مباشرة تزيد