فوائده قدوم الغمام على الرّوض الماحل، ويل هذا المنصب الّذي هو فيه بين عدل ينشره، وحقّ يظهره، وباطل يزهقه، وغالب يرهقه، ومظلوم ينصره.
وليكن أمر أموال الأيتام المهمّ المقدّم لديه، وحديث أوقاف البرّ من أوّل وأولى ما يصرف فكره الجميل إليه، ويتعاهد كشف ذلك بنفسه، ولا يكتفي في علمه فعل اليوم باطّلاعه [على أمره]«١» في أمسه؛ وهو يعلم أنّ الله يجعله بذلك مشاركا للواقفين في الأجر المختصّ بهم والشّكر المنسوب إليهم، خارجا من العهدة في أمر اليتامى باستعمال الذين يخشون لو تركوا من خلفهم ذرّيّة ضعافا خافوا عليهم؛ وليقم منار الحق على ما يجب وإن سرّ قوما وساء قوما، ويقم بالعدل على ما شرع: فإنّ «عدل يوم خير للأرض من أن تمطر أربعين يوما» .
وأمّا ما عدا ذلك من أحوال الحكم وعوائده، وآداب القضاء وقواعده، فكلّ ذلك من خصائصه يستفاد، ومن معارفه يستزاد؛ وملاك ذلك كلّه تقوى الله وهي من أطهر حلاه الحسنة، وأشرف صفاته الّتي تتداولها الألسنة؛ فليجعلها وسيلة تسديده في القول والعمل، وذخيرة آخرته التي ليس له في غيرها أمل، ويقلد العلى فيما حدّثته من أسباب نقلته فإن كمال العزّ في النقل؛ والله تعالى يمدّه بموادّ تأييده وقد فعل، ويجعله من أوليائه المتّقين وقد جعل، بمنّه وكرمه، إن شاء الله تعالى.
قلت: وعلى ذلك تكتب تواقيع القضاة الثلاثة الباقين.
ومنها: وكالة بيت المال.
وهذه نسخة توقيع من ذلك، وهي:
الحمد لله الّذي عمر بيت مال المسلمين بسداد وكيله، ونموّ تحصيله