للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحصون بحمائل سيوفه تزان، ومباسم الثّغور تحمى في كلّ ناحية من أسنّته بلسان، وحمى الثّغرين وما بينهما من الفجاج، وجاور البحرين فمنع جانبيهما:

فهذا عذب فرات وهذا ملح أجاج، وله في العدا وقائع زلزلت لمواقعها الألوف، ومواقف لولا ما نعقت فيها من غربان البين لطال على الدّيار الوقوف؛ وهو الّذي مدحت له في بيتنا المنصور المنصوريّ من الخدمة سوابق، وحمدت طرائق، وكثرت محاسن، وكبرت ميامن، ولمعت كواكب، وهمعت سحائب، وصدحت حمائم، وفتّحت كمائم، وعزّت جيوشنا المؤيّدة له بمضارب، وهزت سيوفا حدادا وهو بالسّيف ضارب.

وكان المجلس العالي- أدام الله تعالى نعمته- هو الّذي حمدت له آثار، وحسنت أخبار، وعمّت مدح، وتمّت منح؛ فرسمنا [بإقراره في] «١» هذا المنصب الشّريف في محلّه، وإعادته إلى صيّب وبله، وإنامة أهلها مطمئنّين في عدله، وإقرار عيون من أدرك زمانه بعوده ومن لم يدرك زمانه بما سيرونه من فضله.

فرسم بالأمر الشريف- لا زالت ملابس نعمه، تخلع وتلبس برودها، وعرائس كرمه، تفارق ثم تراجع غيدها- أن تفوّض إليه أمور غزّة المحروسة وأعمالها وبلادها، والتّقدمة على عساكرها وأجنادها، والحكم في جميع ما هو مضاف إليها من سهل ووعر، وبرّ وبحر، وسواحل ومواني، ومجرى خيول وشواني «٢» ، ومن فيها من أهل عمد، ورعايا وتجّار وأعيان في بلد، ومن يتعلق فيها بأسباب، ويعدّ في صف كتيبة وكتاب. على عادة من تقدّم في ذلك، وعلى ما كان عليه من المسالك.

وسنختصر له الوصايا لأنّه بها بصير، وقد تقدّم لها على مسامعه تكرير،

<<  <  ج: ص:  >  >>