للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسالك، وارتقت هممه إلى الشّمس والقمر والنّجوم وما أشبه ذلك، من حصل الوثوق به في أشرف مملكة لدينا، وأفضل ما يعرض في دولتنا الشريفة من أعمالها الصالحة علينا: وهي الّتي قعدت من الجبال على مفارقها، واتّصلت من النّجوم بعلائقها، وتحدّرت الغمائم من ذيولها، وطفت على السماء وطافت على الكواكب فجرت المجرّة من سيولها، وكان الكرك المحروس هو المراد، ومدينته التي لم يخلق مثلها في البلاد، وقلعته تتشكّى الرّياح لها طلوع واد ونزول واد؛ وهي أرض تمتّ بأنّها لنا سكن، ونمّت مناقبها بما في قلوبنا من حبّ الوطن، واستقرّت للمقامات العالية أولادنا- أعزّهم الله بنصره- فانتقلت من يمين إلى يسار، وتقابلت بين شموس وأقمار، وجاد بها البحر على الأنهار.

فلمّا خلت نيابة السلطنة المعظمة بها عرضنا على آرائنا الشّريفة من تطمئنّ به القلوب، ويحصل المطلوب، وتجري الأمور به على الحسنى فيما ينوب، وتباري عزائمه الرياح بمرمى كل مقلة وهزّة جيد، ولا يشكّ في أنّه كفوّ هذه العقيلة، وكافي هذه الكفالة الّتي ما هي عند الله ولا عندنا قليلة، وكافل هذه المملكة الّتي كم بها بنيّة أحسن من بنيّة وخميلة أحسن من خميلة، من كان من أبوابنا العالية مطلعه، وبين أيدينا الشّريفة لا يجهل موضعه؛ طالما تكمّلت به الصفوف، وتجمّلت به الوقوف، وحسن كلّ موصوف، ولم تخف محاسنه الّتي هو بها معروف؛ كم له شيمة عليّة، وهمّة جليّة، وتقدمات إقدام بكلّ نهاية غاية مليّة، وعزائم لها بنعته مضاء السّيف وباسمه قوّة الحديد وهي بالنسبة إليه ملكيّة؛ وكان المجلس العالي- أدام الله نعمته- هو لابس هذه البرود الّتي رقمت، والعقود الّتي نظمت، وجامع هذه الدّرر الّتي قسمت، والدّراريّ الّتي سمت إلى السماء لما وسمت، وهو من الملائك في الوقار، وله حكم كالماس وبأس يقطع الأحجار، وهو ملك نصفه الآخر من حديد كما أنّ لله ملائكة نصفهم من الثّلج ونصفهم من نار، وهو الّذي اقتضت آراؤنا الشريفة أن نجعله في خدمة ولدنا- أمتعه الله ببقائنا- نائبا بها، وقائما بحسن منابها، والمتصرّف فيها بين أيديه الكريمة، والمتلقّي دونه لأمورها الّتي قلّدنا بها عنقه أمانة عظيمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>