إلى القلوب وأعجبها، ومن السيادة ما أخذت نفسه لها أهبها، ومن الزيادة ما يتعيّن له شكر الله الواهب الّذي وهبها، ومن السّعادة ما رفعت الأقدار على مناكب الكواكب رتبها، وأطلعت لحماته سماء العلياء شهبها، ورقّت على هامة الجوزاء منصبها، واستصحبت من العناية لهذا البيت مزيّة فرض الله بها له الطاعة وكتبها؛ فاستخرنا الله تعالى الّذي يختار لنا ويخير، وسألناه التّأييد والتّيسير؛ وفوّضنا إليه وهو الكفيل لنا بالتدبير، في كلّ مبدإ ومصير، واستعنّا به وهو نعم النّصير، واقتضى حسن الرّأي الشريف أن نسرج شهابه المنير، وننتج للأولياء يمن التّأثيل بحسن هذا التّأثير، وننهج في برّه سبلّا تقدّمنا إليها كلّ ذي منبر وسرير، ونثلج الصّدور ونقرّ العيون بسعيد هذا الإصدار وحميد هذا التّقرير.
فلذلك رسم بالأمر الشريف- لا برح أمره يصيب السّداد فيما إليه يصير، وخبره يحمل الموافاة فللألسنة عن مكافأة برّه تقصير- أن تفوّض نيابة السّلطنة الشريفة بالكرك المحروس والشّوبك للجناب العاليّ، الولديّ، الشهابيّ، وما ينضم إلى ذلك وينضاف، من جميع الأقطار والأكناف؛ وجمعنا له من هذه المملكة الأطراف، وجعلنا له على سهلها وجبلها إشراف، وصرّفناه منها فيما هو عن علمه الكريم غير خاف، نيابة كاملة، كافلة شاملة، عامّة، تامّة، وافرة، سافرة، يستلزم طاعته فيها الافتراض، وتنحسم عنه فيها موادّ الاعتراض، وتنفذ مراسمه من غير توقّف ولا انتقاض، وتبسط يده البيضاء من غير انقباض، ويرتفع رأيه من غير انخفاض.
فلتقدر رعيّة هذه البلاد نعمة هذا التفويض قدرها، وليسألوا الله أن يوزعهم لحسن هذا التفويض شكرها؛ فقد أنشأ لهم يسرها، وأفاء لهم برّها، وألقى إليهم جودها وخيرها، وأبقى عندهم عزّها ونصرها، وليتّبعوا السّبيل القويم، وليجمعوا على الطاعة الّتي تبقي عليهم نعمة العافية وتديم، وليسمعوا ويطيعوا لما يرد إليهم من المراسيم؛ فمن لم يستقم كما أمر لا يستمرّ بهذه البلاد ولا يقيم؛ والعاقل لنفسه خصيم، والجاهل من عدم النّعمة وحرم النّعيم؛