تأخير خليفة وتقديم خليفة، وأهمل حقوقا عواقبها مع الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلم مخيفة، وأوهم عقوقا لأصحابه بل له لقوله:«دعوا لي أصحابي فلو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما أدرك مدي أحدهم ولا نصيفه» . وبقي يتّصل بنا في هذا المعنى ما لا يقال ممّا يقال عنهم، ويصل أذاهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في صاحبيه وقد قال:«إن أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم كما يرون النّجم الطالع في أفق السماء، وإنّ أبا بكر وعمر منهم» يطلبون في التقديم على من قدّمه الله ردّ فائت ما جرى به القدر «١» ، ويضربون صفحا عما لا أراده الله ولا رسوله صلّى الله عليه وسلّم في قوله:«لا أدري ما قد بقي لي فيكم فاقتدوا باللّذين من بعدي:
أبي بكر وعمر» . مع ما أضيف إلى هذا من قوادح نواب، وفواتح أبواب، وحوادث تزعج مقرّ النبوّة أنباؤها، وتمتدّ على مشارق الأنواء ظلماؤها، وتغيّر عوائد الوفود في كرامة زائرهم، وإدامة بشاشة الملتقى لسائرهم، وأمن سربهم أن يراع، وشربهم أن يتمثّل به لغير برق شعاع، وضمّهم إلى ذلك الحمى الّذي لا يضام نزيله، ولا يرام في طريق المجرّة سبيله، ولا يضلّ سار إليه ووجوه سكّان الحمى دليله، ولا يضيع وقد تلقّاه من النّسيم بليله بليله، ولا يقف وقفة المريب وضوء الصباح من أيمن النّقا قنديله، ولا يخشى وشعب ذلك الحيّ شعبه وقبيله قبيله، وإراحة ركابهم الّتي أزعجها حادي السرى، وإمتاعهم بقرب الجوار عوضا من دموعهم عمّا جرى.
فلمّا لم يبق لمن أشرنا إليه- ممّن أعطانا عهد موثقه، وسار لا يريد إلا نقاء نقاه وبراءة أبرقه- إلّا أن يحطّ بالمدينة الشريفة ركابه، ويبعد الشّكوى مما لا عهد من معاهدها اقترابه- أصرّ من فيها من ذوي قرابته «٢» على منعه أن