للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصمّم عزمك على ما عاهدت الله عليه من رفع أيدي قضاتهم، ومنعهم هم ومن اتّبع خطوات الشّيطان في سبيل مرضاتهم، وحذّرهم ممّا لا يعود معه على أحد منهم ستر يسبل، ولا يبقى بعده لغير السّيف حكم يقبل؛ فمن خاض للسّلف الصالح يمّ ذمّ أغرق في تياره، أو قدح فيهم زناد عناد أحرق بناره؛ وألزم أهل المدينة الشريفة- على ساكنها أفضل الصلاة والتسليم- بكلمة السنة فإنّها أوّل ما رفعت بتلك المواطن المعظّمة أعلامها، وسمعت في تلك الحجرة المكرّمة أحكامها، مع تعفية آثار ما ينشأ على هذه البدعة من الفتن حتّى لا ينعقد لها نقع مثار، وتوطئة أكناف الحمى لئلا يبقى به لمبطل في مدارج نطقه عثار؛ والوصية بسكّان هذا الحرم الشريف ومن ينزل به من نزيل، ويجاور به مستقرّا في مهاد إقامة أو مستوفزا على جناح رحيل، ومن يهوي إليهم من ركائب، ويأوي إليهم من رفقة مالت من نشوات الكرى بهم راقصات النّجائب، ومن يصل من ركبان الآفاق، وإخوان نوّى يتشاكون إليهم مرّ الفراق، ومن يتلاقى بهم من طوائف كلّهم في بيوت هذا الحيّ عشّاق، وأمم شتّى جموعهم: من مصر وشام ويمن وعراق، وما يصل معهم في مسيل وفودنا، وسبيل جودنا، ومحاملنا الشريفة الّتي ينصب لنا بها في كلّ أرض سرير، وأعلامنا الّتي ما سمّيت بالعقبان إلّا وهي إليها من الأشواق تطير؛ فمتى شعرت بمقدم ركابهم، أو برقت لك عوارض الأقمار من سماء قبابهم، فبادر إلى تلقّيهم، وقبّل لنا الأرض في آثار مواطيهم، وقم بما يجب في طاعة الله وطاعة رسوله صلّى الله عليه وسلّم وطاعتنا [وأخرج عنهم كلّ يد ولا تخرجهم عن جماعتنا] «١» .

وأهل البادية هم حزبك الجيش اللهام، وحربك إذا كان وقودها جثث وهام، وهم قوم لم يؤدّبهم الحضر، ولا يبيت أحد منهم لأنفته على حذر، فاستجلب بمداراتك قلوبهم الأشتات، وبادر حبال إبلهم النّافرة قبل البتات، وترقّب مراسمنا المطاعة إذا ذرّت لك مشارقها، وتأهّب لجهاد أعداء الله متى

<<  <  ج: ص:  >  >>