وسدّد مقاصد أصفيائنا في كلّ أمر فما شغلوا بمسرّة سرّ إلا وكانت من أقوى أسباب التّمرّن على خوض الغمرات العظام، واقتحام الحرب اللهام، واشتمال جلابيب الدّجى في مصالح الإسلام.
نحمده على نعمه الوسام، وأياديه الجسام، وآلائه الّتي ما برحت بها ثغور المسارّ دائمة الابتسام، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تعصم من الزّلل، وتؤمّن من الزّيغ والخلل، وتلبس المتمسّك بها من أنوار الجلالة أبهى الحلل، ونشهد أنّ محمدا عبده ورسوله المنزّه عن الهوى، المخصوص بالوحي الّذي علّمه شديد القوى، الدّالّ على اعتبار الأعمال بصّحة القصد بقوله صلّى الله عليه وسلم:«إنّما الأعمال بالنّيات وإنّما لكلّ امريء ما نوى» ، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين وفّق الإخلاص مساعيهم، ووفّر الإيمان دواعيهم، صلاة دائمة الاتّصال، مستمرّة الإقامة بالغدوّ والآصال، وسلّم تسليما كثيرا.
وبعد، فإنّه لمّا كان رمي البندق من أحسن ما لهت به الكماة، في حال سلمها، ومن أبهج ما حفظت به الرّماة، حياة نفوسها وعزّة عزمها، على ما فيه من اطّراح الراحة واجتنابها، واستدعاء الرّياضة واجتنائها، وخوض الظّلمات في الظّلام، وتوخّي الإصابة في غمرات الدّجى الّتي تخفى فيها المقاتل على حدق السّهام، وارتقاب ظفر، يسفر عنه وجه سفر، ومهاجمة خطر، تفضي إلى بلوغ وطر- وله شرائط تقتضي التقدّم بين أربابه، وقواعد لا يخالفها «١» من كان مبرّزا في أصحابه، وأدوات كمال، لا بدّ للمتحلّي بهذه الرّتبة منها، وحسن خلال، تهدر أعمال من بعد عليه مرامها وقصرت مساعيه عنها، وعوائد معلومة، بين أرباب هذا الشّأن وكبرائه، ومقاصد مفهومة، فيما يتميز به المصيب الحاذق على نظرائه.
ولمّا كان الجناب العالي الفلانيّ ممّن يشار إليه في هذه الرتبة ببنان