التّرجيح، ويرجع إلى أقواله فيما اقتضى التّعديل فيما بين أربابها والتّجريح، ويعمل فيها بإشارته الخالصة من الهوى والأغراض، ويعوّل فيها على قدم معرفته المميزة بين أقدار الرّماة مع تساوي إصابة الأغراض، لاحتوائه على غايات الكمال فيها، وسبقه منها إلى مقامات حسان لا يعطيها حقّها [إلا]«١» مثله ولا يوفّيها- اقتضى رأينا الشريف أن نعدق به أحكامها، ونرّد إلى أمره ونهيه كبراءها وحكّامها.
فرسم بالأمر الشريف أن يكون حاكما في البندق لما يتعين من اختصاصها بجنابه، ويتبين من أولويّته بالحكم في هذا الفنّ على سائر أربابه.
فليل ذلك حاكما بشروطه اللّازمة بين أهله، المعتبرة بها خلال الكمال في قول كلّ أحد منهم وفعله، المميّزة بين تفاوت الرّماة بحسب كيفية الرّمي وإتقانه، المرجحة في كثرة الطّير بإمكانه له في وقت البروز ومكانه، المهدرة ما يجب بين أهل هذا الفنّ إهداره، المثبتة ما يتعيّن في كمال الأدوات إثباته في قدم الكبراء وإقراره؛ وليعمل في ذلك جميعه بما تقتضيه معرفته المجمع في فنّه عليها، ويتقدّم فيها بما تدله عليه خبرته الّتي ما برح وجه الاختيار مصروفا إليها؛ والله تعالى يسدّده في القول والعمل، ويبلّغه مراتب الرّفعة في خلاله الجميلة وقد فعل؛ والخير يكون، إن شاء الله تعالى.
قلت: وربّما كان المرسوم المكتتب لمن هو دون من تقدّم من أمير عشرة أو من في معناه، فيفتتح ب «أما بعد» ويكمل على نحو ما تقدّم.
وهذه نسخة ثانية لحاكم البندق، مفتتحة ب «أما بعد» وهي:
أمّا بعد حمد الله الّذي لا معقّب لحكمه، ولا يعزب شيء عن علمه، ولا قنوط من رحمته وسعة حلمه، ملهم أهل محاربة أعداء دينه بالرّياضة لها في أيّام سلمه، ومنجز وعود السّعود لمن كان النّجم مبدأ همّته، والصّدق حلّة