المحروس، على عادة من تقدّمه في ذلك، والقاعدة المستمرة، بالمعلوم المستمرّ للوظيفة المذكورة، إلى آخر وقت: وضعا للشّيء في محلّه، وتفويضا لجميل النّظر إلى أهله.
فليباشر ذلك آمرا بالمعروف وناهيا عن المنكر، سالكا من حسن الطريقة ما يحمد به ويشكر، ويسرّه حين تتلى سور محاسنه وتذكر، متفّقدا أحوال العامّة ومعايشها في كلّ آن، ملتفتا في أمر ما يكال أو يوزن إلى قوله تعالى: وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ
«١» ، مشمّرا عن ساعده في الإجراء على العوائد المستحبّة، محترزا فيما يأمر به: فإنّ الله تعالى لا يخفى عليه مثقال حبّة؛ ولينظر في الدّقيق والجليل، والكثير والقليل، وليستكثر الأخبار، وليستعلم الأسعار، ولا يغفل عن تعاهد السّوقة آناء الليل وأطراف النّهار، وليلاحظ أمر السّكّة السلطانية بإصلاح العيار، وضبط أحوال النّقود بمقدار، وليقم من خدمته رقيبا على من اتّهم في صنعته أو استراب، وليبالغ في النّظر في أمر المآكل والمشارب فإنّ أكثر الدّاء من الطعام والشّراب، وليزجر بتأديبه من افترى، أو تلقّى الرّكبان أو غدا في الأقوات محتكرا؛ وليعلم أنّه قلّد أمر هذه الوظيفة المباركة: فليختر من يستنيب، وليبصر كيف يسلك برعايته من حكم عليه فما يلفظ من قول إلّا لديه رقيب؛ والوصايا كثيرة وأصلها التقوى الّتي هي أجلّ ما يقتني المؤمن ويكتسب، وأجدر بالزّيادة: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ
«٢» . والله تعالى يديم علاه، ويتولاه فيما تولّاه.
وهذه نسخة توقيع بنظر الجامع الأمويّ، من إنشاء الشيخ جمال الدّين بن