نباتة، كتب به للقاضي «عماد الدين بن الشيرازي» في الدولة الصالحية «١»«صالح بن الناصر محمد» ب «الجناب الكريم» ؛ وهي:
الحمد لله الّذي أذن لبيوته أن ترفع فرفع عمادها، وأعاد أحسنها إلى نظر من صرّف أمورها بما حسن وصرفها عمّا دهى، وأحيا الآثار الأمويّة حتّى غدت كالهاشمية تدعو أجوادها وسجّادها، وأنجز وعد أهلها بمن أشارت إلى مباشرته أعلام أعلام المنابر بالأصابع ونصّت المآذن أجيادها.
نحمده على ماهيّأ من الفوائد، وهنّأ من العوائد، ونشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له شهادة يقوم بها الخطاب شاهدا ويقوم بها الخطباء في المشاهد، ونشهد أنّ محمدا عبده ورسوله الّذي أوتي الجوامع من الكلم وجعلت له الأرض من المساجد، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين عمروا بيوت العبادات بهدايته، وظهروا في مجال الجمع وسجال الجموع تحت رايته، صلاة متصلة السّير كالسّيل، مسبلة الغمام كالذّيل، واضحة كردع الخلوق لدلوك الشّمس «٢» فائحة كفتيت المسك إلى غسق اللّيل.
وبعد، فإنّ أولى الأمور الدّينية بتقديم الاهتمام، وتقرير الاعتزاء إلى الاعتزام، وتشمير ساعد الرّأي وزهراته على الأكمام- أمر تكون إقامة الصّلوات أحد أركانه، وتدبير المصالح مشيرا إلى علوّ شانه، وأرزاق العلماء والصّلحاء تستدرّ من هطّاله وهتّانه.
وكان الجامع الأمويّ بدمشق المحروسة لهذه الأركان بمنزلة الأسّ الرّاسخ تمكينه، والفرع الشّامخ في وجه السّحاب عرنينه، وبنية زمان بني أميّة