وغاية الأمل، وأتى الأمور على قدر ولا يقال: على عجل، ولأنّه الأمين في صنعة الإنشاء، والتابع في فنه فنون الأدباء؛ إن رقم الطّروس طرّز، وإن بارز الأقران في مواطن الافتخار برّز، وإن بسط الجرائد، تغار من حسنهنّ الخرائد؛ طالما نطق بالحكم، واشتهر بين أصحابه مثل اشتهار النّار على علم؛ نظم المحاسن في نثره البديع، وجمع بين الأضداد فيما يبديه من الإنشاء ويحلّيه من التّصريع؛ قدمت هجرته في الخدمة الشريفة، واقتطف من زهر الصّدقات الشريفة أحسن منصب وأجمل وظيفة، وتحلّى جيده بالقلائد، وحصّل بسعيه مجموع الفرائد، فعادت عليه الصّدقات الشريفة بأجمل العوائد؛ قد استحقّ التقديم، واستوجب من الصّدقات العميمة نهاية التّكريم.
فليباشر هذه الوظيفة مباشرة حسنة الآثار، جميلة الإيراد والإصدار، ناظما بقلمه الحساب على أنواعه، محكما له على سداد أوضاعه، وليطلع شمسه في سماء هذه الوظيفة، وليجن من روضها الأريض كلّ يانعة لطيفة، وليعلم أنّ هذه بوادر خير سرت إليه، وسوابغ نعم خلعت عليه، وأنّ الصدقات العميمة لا بدّ أن توليه بعد ذلك برّا، وتترادف عليه تترى، وتعلي له بين رفاقه المرفقين قدرا؛ ومثله لا ينبّه على وصيّة، لا دانية ولا قصيّة؛ لكن التقوى لا بدّ منها، ولا يجوز أن يغفل عنها؛ فليجعلها اعتماده في كلّ الأمور، وليتناول معلومه المقرّر له على الوظيفة المذكورة في غرر الشهور؛ والله تعالى يضاعف له بمضاعفة الصدقات عليه أوقات السّرور، ويقيه بلطفه كلّ محذور.
توقيع بنظر بهسنى «١» ، من عمل حلب، كتب به لفتح الدين «صدقة بن زين الدين، عبد الرحيم المصريّ» ، ب «المجلس السامي» ؛ وهو: