الحنيفيّ فبشر وأنذر وحلّل وحرّم [وحظر]«١» وأباح، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه صلاة دائمة مستمرّة ما حيعل «٢» الدّاعي إلى الفلاح.
وبعد، فإنّ أولى الأولياء بمضاعفة الأحسان، وأن يعلى له في المكان والإمكان- من عرف بأجلّ المباشرات في الفتوحات، واشتهر فيها بالكفاية والصّيانة وجميل التّدبير وحسن الصّفات.
ولمّا كان فلان هو المنفرد بهذه الصّفات الحسنة، واتّفقت على نعوته الجميلة الألسنة، والوحيد بهذه السّجايا، الفريد بشرف المزايا، عقدت الخناصر عليه، واقتضت الآراء أن يسند تدبير المملكة إليه: فإنّها لم تجد لها كفأ غيره، ولا من يجمع شمل شتات أقوالها ولم يفرّط مثقال ذرّة.
فلذلك رسم بالأمر- لا زال يندب لتدبير الممالك كلّ كفء كاف، ويورد أولياءه من موارد إحسانه موردا عذبا صاف- أن يفوّض إلى الجناب الكريم- أدام الله علوّ قدره، وأيده بالمعونة في أمره- شدّ الدّواوين المعمورة الطّرابلسيّة، بالمعلوم المستقرّ، الشاهد به الديوان المعمور إلى آخر وقت، على عادة من تقدّمه.
وهذه نسخة توقيع بالاستمرار في شدّ الدّواوين:
الحمد لله الّذي قرن الشّدّة بالفرج وجبر بعد الانكسار، وامتحن عباده بأنواع من المحن ليعلم الصادقين في الاصطبار، وأطلع في أفق العلا سعد السّعود ساطعا بالنّور بعدما غار، وجمع لمن انقطع به حبل الرّجاء من الخلق فتوكّل عليه بين نيل المطلوب وتمحيص الأوزار.
نحمده وفي محامده تطيب الآثار، ونشكره على ما أسبل من النّعم الغزار،