ونشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له إله كشف الغمّ بعدما غم القلوب وغطّى على الأبصار، وفرّج الهمّ، وقد كان ادلهمّ، وأظلمت منه النّواحي والأقطار، ونشهد أنّ محمدا عبده ورسوله المصطفى المختار، سيّد ولد آدم في الدّنيا وسيدهم في دار القرار، صلّى الله عليه وعلى آله الأطهار، وصحابته الأخيار، ما أظلم ليل وأضاء نهار.
وبعد، فإن الله تعالى لطف بهذه الدّولة المعظّمة في المقام والسّير، فما مضى لأحد معها يوم سرور إلا والّذي من بعده خير، ونصب خيام عدلها على الخلق وشرع أطنابها، ورغب العباد في فضلها العميم وفتح لهم بابها، وجعلها كاشفة للكروب الموجبة للحزن والضّيق، راشفة من خزائن ملكه ومعادن نصره كأس رحيق، تصل بقوّته وتقطع، وتفرّق بإرادته وتجمع؛ ثم جعل المال نظام ملكها القويم، وقوام سلكها النّظيم؛ به تمضي أوامره ونواهيه، وتجري على السّداد بما يحبّه ويرضيه؛ فتعيّن إعداد من يقيم بعزمه عمده، ويقعد من أخذ منه بغير استحقاق ممن أقعد الدّين زنده؛ وقدّر الله تعالى في هذا الوقت ما قضاه، ونفّذ حكمه فيمن خرج عن طاعته وأمضاه، فلم تبق مملكة إلّا ومسّها وأهلها الإضرار، ولا بقعة إلّا ولحق أهلها بأس أولئك الفجّار، فأدرك اللّطف الإلهيّ ممالك الإسلام، وحل الرّكاب الشريف بأرض الشام، فكان بردا وسلام «١» ، ونجا المخلص وهلك الناكث النّاكل بقدوم سلطان الإسلام، خلّد الله ملكه [ليقذف]«٢» بالحقّ على الباطل، وأيد الله دولته الشريفة بعونه المتواصل.
وكان فلان له مباشرات عديدة، وتأثيرات حميدة، وآخر ما كان في وظيفة شدّ الدواوين بطرابلس: فباشرها مباشرة جميلة الأثر، مشكورة السّير عند من ورد وصدر، ودبّر مهمات يعجز عن حصرها أولو العقول والفكر، وحصّل للديوان المعمور أموالا كالطّوفان ولكن بلا غرق، واستعجب منها كيف حصرتها