وصوارمه، ورعيت عهود ولائه الّتي لا تنكر، ووصفت مساعيه الّتي استحقّ أن يحمد بها ويشكر- من إذا عوّل عليه في المهمّات كفاها، وإذا استطبّت المعضلات به شفاها، وسارت أنباء مهابته غورا ونجدا، واتّصف بحسن التدبير الذي عليه من الإقبال أكمل إجدا «١» ولمّا كان فلان هو الّذي تناقلت تباشير أخباره الرّكبان، وأثنى على شهامته السّيف والسّنان، وشرفت بمحاسنه الأقلام، وارتفع ذكره بالشجاعة على رؤوس الأعلام.
فلذلك رسم......- لا زال للدّين الحنيفيّ ناصرا، وللأعداء قامعا قاهرا، وللحقّ مؤيّدا باطنا وظاهرا- أن يستقرّ الجناب العالي المشار إليه أمير نقباء العساكر المنصورة الطّرابلسيّة، عوضا عمّن كان بها، على عادته وقاعدته:
لأنّه الحبر الّذي عقدت على خبرته الخناصر، وورث الشّهامة كابرا عن كابر، وأضحى بتدبيره واضح الغرر، شاهدا له به العين والبصر؛ إن جال بين صفوف العساكر كان أسدا، وإن رتّب جيوشها أحصاها حليّة وعددا.
فليباشر هذه الوظيفة محرّرا أحوال العساكر المنصورة، مقرّرا لهم في منازلهم على أكمل عادة وأجمل صورة، بمناصحة ضمّخ بمسكها، ومخالصة قام مقام واسطة جوهر سلكها، وملازمة خدمة تأزّرت بها أعطافه، وصفاء طويّة شرفت بها أوصافه، ومحبّة عدل جمع فيها بين قوله وفعله، وإخلاص يحسن بالمرء أن يكون ملتحفا بظلّه: لكي يتمّ الله النّعم عليه كما أتمّها على أبيه من قبله؛ وليقصد رضا الله تعالى في هذا الأمر، لا رضا زيد ولا عمرو؛ والله تعالى يتولّاه فيما تولّاه، والاعتماد في ذلك على الخط الكريم أعلاه، حجة بمقتضاه، إن شاء الله تعالى.