فليباشر ما ولّيناه وأوليناه، مباشرة تسفر عن حسن فطنته وذكائه، وتضيء الآفاق بنور شهابها وسنائه، وتظهر معروفها المعروف بعدم غيبته وخفائه، معتمدا على الله تعالى في إبدائه وإنهائه، شارحا لكلّ قلب ألانه إحسانه بعد غلظته وجفائه، مانحا من بحر جوده وعدله بالدّرّ لا بجفائه، مكرما لمن بهذا المعقل:
من أمرائه وأجناده وأغنيائه وفقرائه، مقيما لمنار الشّرع الشريف الّذي لا تستقيم الأمور إلّا بمتابعته وإبدائه، وليظهر من شجاعته وبسالته ما لا فائدة في خفائه، وليشهر سيفه، في وجه من أظهر حيفه، وعدم خوفه، من سطوة ربّه وكرمائه.
وأعظم ما نوصيه به التّقوى، فإنّه بملازمتها يقوى، على دفع الشّرّ وفعل الخير وإسدائه، والوصايا كثيرة وهو المجرّب بالعمل بها لمن يرغب في استيلائه؛ والله تعالى يحرق بشهاب عدله كلّ متمرّد..........
واعلم أنّه ربّما كتب توقيع نائب حصن الأكراد مفتتحا ب «أمّا بعد حمد الله» .
وهذه نسخة توقيع بنيابة حصن الأكراد، كتب به باسم «شهاب الدين الجاكي» ب «الجناب العالي» ؛ وهي:
أمّا بعد حمد الله الّذي جعل شهاب الدّين يتنقّل في مطالع سعده، وجدّد أثواب النّعماء لمن قدمت هجرته وظهر خيره فأنجز له الإقبال صادق وعده، وأشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له شهادة تبلّغ قائلها إنالة قصده، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله الّذي أيّده الله بنصر من عنده، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين كانوا من أنصاره وجنده، صلاة دائمة يبلغ المؤمن بها غاية رشده، وسلّم تسليما كثيرا- فإنّ أولى من شمله إحسان هذه الدّولة الشريفة ونوّله مراده، وأجزل عليه النّعم فكان أحقّ بها لحسن طويّته فأجراه الله على أحسن عادة، وبلّغه غاية القصد ومعدن السعادة- من سلك مسالك الأمناء الثّقات، واشتهرت عنه العفّة وحسن الصّفات، فتعيّن تقديمه وتقريبه إلى أجلّ ولايات الفتوحات.