فلينظر في الدّقيق والجليل، والكثير والقليل، وما يحصر بالمقادير وما لا يحصر، وما يؤمر فيه بمعروف أو ينهى عن منكر، وما يشترى ويباع، وما يقرّب بتحريره إلى الجنّة ويبعد عن النار ولو لم يكن قد بقي بينه وبينها إلا قدر باع أو ذراع، وكلّ ما يعمل من المعايش في نهار أو ليل، وما لا يعرف قدره إلا إذا نطق لسان الميزان أو تكلّم فم الكيل؛ وليعمل لديه معدّلا لكلّ عمل، وعيارا إذا عرضت عليه المعايير يعرف من جار ومن عدل، وليتفقّد أكثر هذه الأسباب، ويحذّر من الغشّ: فإنّ الدّاء أكثره من الطعام والشّراب؛ وليتعرّف الأسعار، ويستعلم الأخبار من كلّ سوق من غير إعلام لأهله ولا إشعار؛ وليقم عليهم من الأمناء من ينوب عنه في النّظر، ويطمئنّ به إن غاب أو حضر، ودار النّقود والضرب الّتي منها تنبثّ، وقد يكون فيها من الزّيف ما لا يظهر إلا بعد طول اللّبث، فليتصدّ لمهمّها بصدره الّذي لا يحرج، وليعرض منها على المحكّ [من رأيه «١» ما لا يجوز عليه بهرج، وما يعلق من الذهب المكسور ويروبص من الفضة ويخرج، وليقم الضّمّان على العطّارين والطّرقيّة في بيع غرائب العقاقير إلّا ممن لا يستراب فيه وهو معروف، وبخطّ طبيب ماهر لمريض معيّن في دواء موصوف؛ والطّرقيّة وأهل النّجامة وسائر الطوائف المنسوبة إلى ساسان، ومن يأخذ أموال الرّجال بالحيلة ويأكلهم باللّسان، وكلّ إنسان سوء من هذا القبيل هو في الحقيقة شيطان لا إنسان، فامنعهم كلّ المنع، واصدعهم مثل الزّجاج حتّى لا ينجبر لهم صدع، وصبّ عليهم النّكال وإلّا فما تجدي في تأديبهم ذات التّأديب والصّفع، ومن وجدته قد غشّ مسلما، أو أكل بباطل درهما، أو أخبر مشتريا بزائد، أو خرج عن معهود العوائد، أشهره بالبلد، وأركب تلك الآلة قفاه حتّى يضعف منه الجلد؛ وغير هؤلاء [من فقهاء المكاتب، وعالمات النساء وغيرهما من الأنواع]«٢» ممن يخاف من ذئبه العائث في سرب الظباء والجآذر،