مضمار البيان الّذي سلّمت إليه أعنّته، وألقيت إليه أزمّته، محلّيا بقلائد المواعظ وفرائد الأمثال أعواد المنبر الّذي لو أمكنه لسعى إليه، مشنّفا الأسماع بجواهر الأوامر وزواهر الزّواجر الّتي يصدع بها عليه.
وليسر كسيرة والده في الطّريقة المثلى وسلوك المنهج الأسدّ، وليجتهد في إحياء رسومه في العبادة واقتفاء آثاره في العلم والزّهادة حتّى يقول الناس:
هذا الشّبل من ذاك الأسد، جاريا على أفضل العوائد في ديانته، ساريا بأجمل القواعد من صيانته، وليوصّل إليه معلومه الشاهد به الدّيوان المعمور المستقرّ إلى آخر وقت، على عادة من تقدّمه وقاعدته: لاستقبال مباشرته أحيان الوجوب وأزمان الاستحقاق، رزقا دارّا، سارّا، هنيّا، مرضيّا، من غير تنغيص، ولا تنقيص؛ والاعتماد على العلامة الكريمة أعلاه، وثبوته إن شاء الله تعالى.
وهذه نسخة توقيع بخطابة، كتب به للشيخ «صدر الدين الخابوري» ، ب «المجلس الساميّ» بالياء؛ وهي:
رسم......- لا زالت أيّامه الشّريفة تضع الأشياء في محلّها، وتفوّض المناصب المنيفة إلى أهلها، وتشرّف صدور المحافل بصدر العلماء في حزنها وسهلها- أن تفوّض إلى فلان الخطابة بالجامع الناصريّ المعروف «بجامع التوبة» بطرابلس المحروسة وجوبا وتعيّنا، اقتضى في تقدّم الفاضل على المفضول تيقّنا وتبيّنا، لأنّه الحبر الّذي لا يجارى في فضائله، والبحر الّذي يجود فيجيد بفواضله، والصّدر الّذي ملئت بفوائده وفرائده بزمانه محافل صدوره وصدور محافله؛ كم نطقت ألسن الأقلام بأفواه المحابر بفضله في الأقاليم والآفاق، وكم من عبارة بفصاحة وبلاغة حققت أنّه بها فات الفصحاء والبلغاء وفاق؛ لقد أصبح شمل هذا الجامع بهذا الفاضل الّذي طال ارتقابه له جامعا، وأمسى وقد ظفرت يمناه من اليمن به والبركة بما لم يكن بشيء منه في مثل هذه