أما بعد حمد الله الّذي زيّن سماء المعالي ببدرها، وأنبت في رياض السّعادة يانع زهرها، ورفع المناصب السّنيّة إلى شرف محلّها ومحلّ شرفها، ونشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له شهادة خالصة في قولها وفعلها، وأنّ محمدا عبده ورسوله أرسله بالملّة الحنيفيّة قائما بفرضها ونفلها، آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر مبلّغا لرسالات ربّه كلّها، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة لا ينحصر عددها، ولا ينقضي أمدها، وسلّم تسليما كثيرا- فإنّ أولى من خطبته المناصب من هو أحقّ بها وأهلها [وله] فيها نسبة لا ينكر فضلها، ومباشرات في الممالك الإسلامية مشهورات بالكفاية والعفّة في برّها وبحرها.
ولمّا كان فلان- حرس الله جنابه وأسبغ ظلّ والده- هو المعنيّ بهذه الإشارة، وشمس هذه الهالة وبدر هذه الدّارة.
فلذلك رسم......- زاده الله تعالى عظمة وشرفا، ومنحة في الجنان قصورا وغرفا- أن يستقرّ......: إقرارا لعين والده، وجمعا له بين طريف السّعد وتالده، لأنّه النّبعة الّتي نشأت في رياش السّيادة، والزّهرة الّتي برزت في كمام السّعادة؛ فلا يزال فرعه- إن شاء الله- بسعادة هذه الدّولة الشريفة ينمي إلى أن يتأصّل، وزهرته تزهى إلى أن تبلغ الإثمار وتتوصّل.
فليباشر هذه الوظيفة المباركة مباشرة تظهر فيها كفايته عند الانتقاد، وتحمد فيها عقبى الاختيار والاختبار والرّشاد، وليسلك في أمانته سنن أبيه- أسبغ الله ظلّه- التي أحكمها في كلّ ما أبدى وأعاد، ويتّبع طرقه الهادية إلى سبيل السعادة والإرشاد، ويبد ما اكتسبه من والده عن سلفه من هذه الصّناعة وهو أحقّ بهذا السّند، ولا يخرج عن رأي أبيه- أيّده الله- حتّى يقول الناس: هذا الشّبل من ذاك الأسد، وليشمّر في تحصيل الفضائل الّتي تبلغ بها الآمال، وتصلح الأحوال، وليتلقّ هذه المباشرة بعزمه الشديد، بنفسه لا بالتّقليد، فإنّه شاهد ومسؤول بقوله يوفّق في الاستحقاق وفي النّقود والكيول؛ وتقوى الله هي السّبب الأقوى، فليتمسّك بحبلها يقوى؛ والوصايا كثيرة في ذلك ووالده بها