على عادة من تقدّمه وقاعدته ومعلومه الشاهد به الديوان المعمور: لأنّه طالما باشر نظر بيت المال فوفّر الأموال، وأصلح ما فسد من الأحوال، وسدّد بحسن تدبيره الأقوال والأفعال، وأظهر من الأمانة ما تميّز به في مباشراته، وفاق به على قرنائه وأهل زمانه وأوقاته، ثم باشر الحسبة فسلك فيها مسلك السّرّ والجهر وصدق الخبر، وسلك مسلك أمير المؤمنين عمر.
فليباشر هذا النّظر بقلب منشرح، وأمل منفسح، وليظهر فيه ما جرّب به من الأمانة، وتجنّب الخيانة، وليجتهد في تحصيل أموال الدّيوان المعمور، ويبسط قلمه في إصلاح الأمور، وليوصّل إلى أرباب المرتّبات ما هو لهم مستحق، فإنّهم به أولى وأحق، وليوصّل إليه معلومه أوان وجوبه واستحقاقه.......
توقيع بمشارفة حصن الأكراد، كتب به للقاضي «بدر الدين» ب «المجلس العالي؛ وهو:
رسم بالأمر الشّريف- لا زالت مراسمه العالية تولي الأنام برّا، وتجدّد بإسباغ الإنعام بشرا، وتضوّع في كلّ ناد من أندية الثّناء والدعاء نشرا، وتطلع في كلّ أفق من آفاق السّيادة من صدور الأعيان وأعيان الصّدور بدرا- أن يرتّب فلان في مشارفة حصن الأكراد المحروس: لما هو عليه من العفّة والصّلف «١» ، والنّزاهة الّتي عرف بها واتّصف، والرّآسة الّتي انتقلت إلى الخلف عن السّلف، والعدالة الّتي لا يتكلّف لسلوك نهجها: ومن العجب خلوّ البدر عن الكف!، كم حفظت بمباشرته الأموال، وصلحت بملاحظته الأحوال، وعقدت الخناصر على سيرته وحسن سيره، واشتهر بجميل تدبير أوجب تقديمه على غيره.