مقامات الغناء أقدامهم، وتوسّمنا أنك الرجل الذي يزكو لديك الصّنيع، وأنك ستشفعه بحقوق خدمتك التي هي نعم الشفيع.
وقد عجّلنا لك من الإقطاع ما لا نرضى أن تكون عليه شاكرا، وجعلناه لك أوّلا وإن كان لغيرك آخرا؛ وهو مثبت في هذا التّوقيع بقلم الديوان الذي أقيم لفرض الجند كتابا، ولمعرفة أرزاقهم حسابا؛ وهو كذا وكذا.
فتناول هذا التّخويل الذي خوّلته باليمين، واستمسك به استمساك الضّنين.
واعلم أنه قد كثر الحواسد لما مددناه من صنعك، وبسطناه من ذرعك؛ فأشج حلوقهم بالسّعي لاستحقاق المزيد، وارق في درجات الصّعود وألزمهم صفحة الصّعيد.
والذي نأمرك به أن [تعدّ]«١» نفسك للخدمة التي جعلت لها قرنا وأنت بها أغنى، وأن تنتهي فيها إلى الأمد الأقصى دون الأدنى؛ فلا تضمم جناحك إلّا على قوادم من الرجال لا على خواف، وإذا استنفرت فانفر بثقال من الخيل وخفاف، وكن مذخورا لواحدة يقال فيها: يا عزائم اغضبي، ويا خيل النّصر اركبي؛ وتلك هي التي تتظلّم بها الجماجم من الضّراب، وتلاقى فيها عصب الغربان والذّباب؛ ولا تحتاج مع هذه إلى منقبة تتجمّل بتفويفها، وتتكثّر بتعريفها، وتنتمي إلى تليدها باستحداث طريفها.
والله تعالى يشدّ بك أزرا، ويملأ بك عينا وصدرا، ويجعل الفلج مقرونا برأيك ورايتك حتّى يقال:«ومكروا مكرا» وجرّدنا بيضا وسمرا؛ والسلام إن شاء الله تعالى.