قال ذو الرّمة «١» لعيسى بن عمر: «اكتب شعري فالكتاب أعجب إليّ من الحفظ إنّ الأعرابيّ لينسى الكلمة قد سهرت في طلبها ليلة فيضع موضعها كلمة في وزنها لا تساويها، والكتاب لا ينسى ولا يبدّل كلاما بكلام» .
وقد أطنب السلف في مدح الكتابة والحث عليها فلم يتركوا شأوا لمادح حتّى قال سعيد بن العاص «٢» : «من لم يكتب فيمينه يسرى» . وقال معن بن زائدة «٣» : «إذا لم تكتب اليد فهي رجل» . وبالغ مكحول «٤» فقال: «لا دية ليد لا تكتب» . قال الجاحظ: ولو لم يكن من فضل الكتابة إلا أنه لا يسجّل نبيّ سجلّا ولا خليفة مرضيّ ولا يقرأ كتاب على منبر من منابر الدنيا إلا إذا استفتح بذكر الله تعالى وذكر رسوله صلى الله عليه وسلّم وذكر الخليفة ثم يذكر الكتاب كما هو مشهور في السجلات التي سجلها رسول الله صلى الله عليه وسلّم لأهل نجران وغيرهم وأكثرها بخط أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه في شرفه ونبله وسابقته ونجدته.
ومن ثم قال المؤيد «٥» : «الكتابة أشرف مناصب الدنيا بعد الخلافة؛