والغيرة المحمّديّة، فغضب الله غضبة ناصر للدّين، وثائر للمسلمين، فألبس أهل الذّمّة الغيار، وأنزلهم بالمنزلة التي أمر الله أن ينزلوا بها من الذّل والصّغار، وأمر أن لا يولّوا شيئا من أعمال الإسلام، وأن ينشأ في ذلك كتاب يقف عليه الخاصّ والعامّ.
وهذه نسخته:
الحمد لله المعبود في أرضه وسمائه، والمجيب دعاء من يدعو «١» بأسمائه، المنفرد بالقدرة الباهرة، المتوحّد بالقوّة الظاهرة، وهو الله الّذي لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة، هدى العباد بالإيمان إلى سبيل الرّشاد، ووفّقهم في الطاعات لما هو أنفع زاد في المعاد، وتفرّد بعلم الغيوب فعلم من كلّ عبد إضماره كما علم تصريحه يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ
«٢» ، الذي شرّف دين الإسلام وعظّمه، وقضى بالسعادة الأبديّة لمن انتحاه ويمّمه، وفضّله على كلّ شرع سبقه وعلى كلّ دين تقدّمه، فنصره وخذلها، وأشاده وأخملها، ورفعه ووضعها، وأطّده وضعضعها، وأبى أن يقبل دينا سواه من لأوّلين والآخرين، فقال تعالى وهو أصدق القائلين: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ
«٣» ، وشهد به بنفسه، وأشهد به ملائكته وأولي العلم الذين هم خلاصة الأنام، فقال تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ
«٤» ولمّا ارتضاه لعباده وأتمّ به نعمته، أكمله لهم وأظهره على الدّين كلّه