للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المنابذ على أحدهم مفزعا عند أحد من الباقين ولا اعتصاما له، ولا التجاء إليه، لكن يكون مرميّا بجميع سهامهم، ومضروبا بأسياف نقمتهم، ومأخوذا بكلّيّة بأسهم وقوّتهم، ومقصودا بغالب نجدتهم وشدّتهم؛ إذ كانت هذه الآداب القويمة، والطّرائق السّليمة، جارية للدّول مجرى الجنن «١» الدّافعة عنها، والمعاقل المانعة لها، وبمثلها تطمئنّ النعم وتسكن، كما أنّ بأضدادها تشمئزّ وتنفر.

ولما وفّق الله تعالى شرف الدّولة وزين الملّة أبا الفوارس، وصمصام الدّولة وشمس الملّة أبا كاليجار اعتقاد هذه الفضائل وإيثارها، والتّظاهر بها واستشعارها، ودعاهما مولاهما الطائع لله أمير المؤمنين إلى ما دعاهما إليه من التّعاطف والتآلف، والتّصافي والتّخالص، وأمر صمصام الدّولة أبا كاليجار بمراسلة شرف الدّولة أبي الفوارس في إحكام معاقد الأخوّة، وإبرام وثائق الألفة- امتثل ذلك وأصغى إليه شرف الدّولة وزين الملّة أبو الفوارس: أصغى إليه شرف الدّولة إصغاء المستوثق المستصيب، وتقبّله تقبّل العالم اللّبيب، وأنفذ إلى باب أمير المؤمنين رسوله أبا نصر «خرشيد بن ديار بن مأفنة» بالمعروف من كفايته، والمشهور من اصطناع الملك السّعيد عضد الدّولة وتاج الملّة رضوان الله عليه له، وإيداعه إيّاه وديعة الإحسان التي يحقّ عليه أن يساوي في حفظها بين الجهتين، ويوازي في رعايتها بين كلا الفريقين.

فجرت بين صمصام الدّولة وشمس الملة أبي كاليجار وبينه مخاطبات استقرّت على أمور أتت المفاوضة عليها، وأثبت منها في هذه المواصفة ما احتيج إلى إثباته منها [أمر] «٢» عامّ للفريقين، وقسمان يختصّ كلّ واحد منهما بواحد منهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>