فأما الأمر الذي يجمعهما عمومه، ويكتنفهما شموله، فهو: أن يتخالص شرف الدّولة وزين الملّة أبو الفوارس، وصمصام الدّولة وشمس الملّة أبو كاليجار في ذات بينهما، ويتصافيا في سرائر قلوبهما، ويرفضا ما كان جرّه عليهما سفهاء الأتباع: من ترك التّواصل، واستعمال التّقاطع، ويرجعا عن وحشة الفرقة، إلى أنس الألفة، وعن منقصة التّنافر والتّهاجر، إلى منقبة التّبارّ والتّلاطف، فيكون كلّ واحد منهما مريدا لصاحبه من الصّلاح مثل الذي يريده لنفسه، ومعتقدا في الذّبّ عن بلاده وحدوده مثل الذي يعتقده في الذّبّ عما يختصّ به، ومسرّا مثل ما يظهر: من موالاة وليّه، ومعاداة عدوّه، والمراماة لمن راماه، والمصافاة لمن صافاه؛ فإن نجم على أحدهما ناجم، أو راغمه مراغم، أو همّ به حاسد، أو دلف إليه معاند، اتّفقا جميعا على مقارعته: قريبا كان أو بعيدا، وترافدا على مدافعته: دانيا كان أو قاصيا، وسمح كلّ منهما لصاحبه عند الحاجة إلى المواساة في ذلك في سائر أحداث الزّمان ونوبه، وتصاريفه وغيره، بما يتّسع ويشتمل عليه طوقه من مال وعدّة، ورجال ونجدة، واجتهاد وقدرة، لا يغفل أخ منهما عن أخيه، ولا يخذله ولا يسلمه، ولا يترك نصرته، ولا ينصرف عن مؤازرته ومظاهرته بحال من الأحوال التي تستحيل بها النّيّات: من إرغاب مرغب، وحيلة محتال، ومحاولة محاول، ولا يقبل أحدهما مستأمنا إليه من جهة صاحبه: من جنديّ، ولا عامل، ولا كاتب، ولا صاحب، ولا متصرّف في وجه من وجوه التصرفات كلّها، ولا يجير عليه هاربا، ولا يعصم منه مواربا، ولا يتطرّف له حسدا، ولا يتحيّفه حقّا، ولا يهتك له حريما، ولا يتناول منه طوفا «١» ، ولا يخيف له سبيلا، ولا يتسبّب إلى ذلك بسبب باطن، ولا باعتلال ظاهر، ولا يدع موافقته، وملاءمته، ومعاونته ومظافرته في كلّ قول وفعل، وسرّ وجهر، على سائر الجهات، وتصرّف الحالات، ووجوه التّأويلات. يلتزم كلّ