الرجال، ذوي بهاء وجلال، وزينة وجمال، من أشراف الأمصار، وأعيان ذوي الأخطار؛ من أهل واسط وبغداد، والبصرة والسّواد.
ترى كلّ مرهوب العمامة لاثما ... على وجه بدر تحته قلب ضيغم!
فقام إليّ ذو المعرفة لإكرامه، وساعده الباقون على قيامه، وأطال في سؤاله وسلامه؛ وجذبوني إلى صدر المجلس فأبيت، ولزمت ذناباه واحتبيت؛ وأخذوا يستخبروني عن الحال، والمعيشة والمال، وداعية الارتجال، وعن النّيّة والمقصد، والأهل والولد، والجيران والبلد.
وما منهم إلا حفيّ مسائل ... وواصف أشواق ومثن بصالح
ومستشفع في أن أقيم لياليا ... أروح وأغدو عنده غير بارح
ثم قال قائلهم: هل لقيت عين الزّمان وقلبه، ومالك الفضل وربّه، وقليب الأدب وغربه، إمام العراق، وشمس الآفاق؟. فقلت: ومن صاحب هذه الصّفة المهولة، والكناية المجهولة، فقالوا: أو ما سمعت بكامل هيت، ذي الصّوت والصّيت؟:
ذاك الذي لو عاش [دهرا]«١» إلى ... زمانه ذا وابن صوحان
وابن دريد وأبو حاتم ... وسيبويه وابن سعدان
وعامر الشّعبيّ وابن العلا ... وابن كريز وابن صفوان
قالوا مجاب كلّهم: إنّه ... سيّدنا، أو قال: غلماني.
فقلت لهم: قد قلّدتّم المنّة، وهيّجتم الجنّة، إلى لقاء العالم المذكور، والسّيّد المشهور، وقد كانت الرياح تأتيني بنفحات هذا الطّيب، وهدر هذا