للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثل ذراع البكر أو أشدّ «١»

فعطفت عليه عطف الثّائر العاسف، والتفتّ إليه التفات الطّائر الخاطف، فقلت له: يا أخاهيت، قد قلت ما شيت، فأجب الآن إذا دعيت، والزم مكانك، وغضّ عنانك، وقصّر لسانك؛ إنّ نادبة ضمرة خندفته، لمّا وصفته، وما سمعت في نسبتك إياه لخندف ذكرا، فأبن عن ذلك عذرا؛ فقال: إن خندف هي امرأة اليأس بن مضر، غلبت على بنيها فنسبوا إليها، كطهيّة ومزينة، وبلعدويّة وعرينة، والسّلكة وجهينة، وندبة وأذينة، وكشبيب ابن البرصاء وابن الدّعماء. فقلت له: سئلت، فأجبت وأصبت؛ فأخبرني عن خندف هل هو اسم موضوع، أو لقب مصنوع؟؛ فوقف عند ذلك حماره، وخمدت ناره، وركد جريانه، وسكن هذيانه، وفتر غليانه، وظهر حرانه، وذلّ وانقمع، وانطوى واجتمع، فاضطّرّه الحياء، وألجأه الاستجداء، إلى أن قال وهو يخفي لفظه، ويطرق لحظه: أظنّه لقبا. فقلت: هو كما ظننت فما معناه وما سببه؟ وكيف كان موجبه؟ فلم يجد بدّا من أن يقول: لا أدري، فقال وقد أذقته مرّ الإماتة، وأحسّ من القوم بتظاهر الشّماتة:

وودّ بجدع الأنف لو أنّ صحبه ... تنادوا وقالوا في المناخ له: نم!

ثم أقبلوا إليّ، وعكفوا عليّ، بأوجه متهلّلة، وألسنة متوسّلة؛ في شرح الحال، والقيام بجواب السّؤال، فقلت: هذا بديع عجيب، أنا أسأل وأنا أجيب؛ إن اليأس بن مضر تزوّج ليلى بنت ثعلبة «٢» ، بن حلوان، بن إلحاف «٣» ، بن قضاعة، بن معدّ، (في بعض النّسب) ، فولد له منها: عمرو وعامر وعمير؛ ففقدتهم ذات يوم، فألحى على ليلى باللّوم، فقال: اخرجي

<<  <  ج: ص:  >  >>