وما الفرار إلى الأجبال «٢» من أسد ... تمشي النّعام به في معقل الوعل؟
وانهزمت جماعة يسيرة طمع فيها من العوامّ من كان لا يدفع عن نفسه، وأخذتهم المهاوي فما نجا منهم إلا آيس من حياة غده في أمسه.
مضوا متسابقي الأعضاء فيه ... لأرؤسهم بأرجلهم عثار «٣»
إذا فاتوا الرّماح تناولتهم ... بأرماح من العطش القفار!
وقصدت ميمنة عسكرنا جماعة من المغل ذوو بأس شديد، فقاتلهم المسلمون حتّى ضجر الحديد من الحديد؛ (وكان مولانا الصاحب زين الدّين- حرس الله جلاله- لما دعيت نزال أوّل مسابق، وأسرع راشق، وأقرب مطاعن، وأعظم معاون؛ فذكر من شاهده أنه أحسن في معركته، وأجمل في كرّته، وأجاد في طعنته، وزأر زئير اللّيث، وسابق حتّى لم يبق حيث، ووقف دريئة للرّماح من عن يمينه وشماله، وخضّب بما تحدّر من دم عدوّه أكناف سرجه وعنان لجامه، وكانت عليه من الله باقية واقية في تقدّمه وإقدامه، وشاهدناه وقد خرج من وسط المعركة وهو شاكي السّلاح، وقد أخذ نصيبه ونصيب فرسه من سالم الجراح؛ وأراد الله أن لا يخليه من إسالة دم يعظّم الله الأجر بسائله- فجعله- والمنّة لله- من بعض أطراف أنامله.
ولقد ذكر الأمير عزّ الدّين أيدمر الدّوادار الظّاهريّ، قال: لقيتني وقد تكسّر رمحي، وعاد- لولا لطف الله- إلى الخسارة ربحي، فأعطاني المولى الصاحب زين الدّين رمحه فإذا فيه نصول، وبسنّه من قراع الدّارعين فلول؛ ورأيت دبّوس المولى الصاحب زين الدّين وقد تثلّم، وكان الخوف