(نفوا)«١» وإليه أمر بلاد الروم وعساكر المغل بها، وأرختوا أخو تدلون، وبهادر بخشى، ومن مقدّمي الألوف دنرك، وصهر آبغا، وقرالق وخواصّه:
بيض العوارض طعّانون من لحقوا ... من الفوارس شلّالون للنّعم!
قد بلّغوا بفناهم فوق طاقته ... وليس يبلغ ما فيهم من الهمم
في الجاهليّة إلّا أنّ أنفسهم ... من طيبهنّ به في الأشهر الحرم!
فعندما شاهدوا نجد الملائكة، وتحقّقوا أن نفوسهم هالكة، أخلدت فرقة منهم إلى الأرض فقاتلت، وعاجت المنايا على نفوسهم وعاجلت، وباعت نفوس المسلمين لهم وتاجرت، وكسرت وما كاسرت، وجاء الموت للعدوّ من كلّ مكان، وأصبح ما هناك «٢» منهم وقد هان؛ وللوقت خذلوا وجدّلوا، ولبطون السّباع وحواصل الطّيور حصّلوا، وصاروا مع عدم ذكر الله بأفواههم وقلوبهم، يقاتلون قياما وقعودا وعلى جنوبهم، فكم من شجاع ألصق ظهره إلى ظهر صاحبه وحامى، وناضل ورامى، وكم فيهم من شهم، ما سلّم قوسه حتّى لم يبق في كنانته سهم، وذي سنّ طارح به فما طرحه حتّى تثلّم، وذي سيف حادثه بالصّقال فما جلى محادثة حتى تكلّم؛ وأبانوا عن نفوس في الحرب أبيّة، وقلوب كافرة ونخوة عربيّة، واشتدّت فرقة من العدوّ من جهة الميسرة معرّجين على السناجق الشريفة من خلفها، منقلبين بصفوفهم على صفّها:
فلزّهم الطّراد إلى قتال ... أحدّ سلاحهم فيه الفرار!
فثاب مولانا إليهم، ووثب عليهم، فضحّى كلّ منهم بكلّ أشمط «٣» وأفرى الأجساد فأفرط؛ ولحق مولانا السلطان منهم من قصد التّحصين