والاجتماع عند المصادمة) «١» ورتّب جيش الإسلام اللّجب، على ما يجب، وأراهم من نور رأيه ما لا على بصر ولا بصيرة يحتجب، فطلعت العساكر مشرفة على صخرات «٢» هوني من بلد أبلستين، وكان العدوّ ليلته تلك بائتا على نهر زمان، وهو أصل نهر جهان «٣» ، وهو نهر جيحان المذكور في الحديث النّبويّ، وإنّما الأرمن لا تنطق بالهاء «٤» .
فلما أقبل الناس «٥» من علو الجبل شاهدوا المغل قد ترتّبوا أحد عشر طلبا كلّ طلب يزيد على ألف فارس حقيقة، وعزلوا عسكر الرّوم عنهم خيفة منهم، وجعلوا عسكر الكرج «٦» طلبا واحدا بمفرده، ولمّا شاهدوا سناجق مولانا السلطان المنصورة ومن حولها من المماليك الظاهرية، وعليهم الخود الصّفر المقترحة «٧» ، وكأنّها في شعاع الشّمس نيران مقتدحة، رجعوا إلى ما كانوا عقدوا من العزائم فحلّوا، وسقط في أيديهم ورأوا أنّهم قد ضلّوا، وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ*
«٨» وعلى الموت يتراسلون؛ فانصبّت الخيل إليهم من أعلى الجبل انصباب السّيل، وبطلت الحيلة منهم ونفي الحيل؛ فشمّروا عن السّواعد، ووقفوا وقفة رجل واحد؛ وهؤلاء المغل كان طاغية التّتار آبغا- أهلكه الله- قد اختارهم من كلّ ألف مائة، ومن كل مائة عشرة، ومن كلّ عشرة واحدا لأجل هذا اليوم، وعرفهم بسيما الشّجاعة وعرضهم لهذا السّوم؛ وكان فيهم من المقدّمين الكبار «تدلون» ؛ ومعنى هذا الاسم النفّاذ يعني أنه ما كان في عسكر قطّ إلا نفّذة، والمقدّم الآخر