ومن أدهم: مدرك كاللّيل، منصبّ كالسّيل، كريم النّاصية، جوّاب قاصية، كأنّ غرّته صبح تنفّس في الدّجى الحالك، وكأنّه من اللّيل باق بين عينيه كوكب يضيء المسالك، وكأنّ حجوله بروق تفرّقت في جوانب الغسق فحسن منظرا لذلك؛ سنابكه يوري قدحها «١» ، وغرّته ينير صبحها، وجوارحه مسودّ جنحها، وصهوته كمن فيها العزّ فلا يزال ظاهرا نجحها.
وممّا سوى ذلك من الجياد المختبرة، والصّافنات المعتبرة:
إذا ما صرفت اللّحظ نحو شياتها ... وألوانها فالحسن عنك مغيّب «٢» !
وإنما هي بصبرها على الظّما، وشدّة عدوها في النّور والظّلما، وسبقها إلى غايات رهانها، وثباتها تحت رايات فرسانها.
وتليها الفهود الحسن منظرها، الجميل ظفرها، الكاسب نابها وظفرها؛ تفرّق اللّيل في أهبها المجتمعة، وأدركت العواصم في هضابها المرتفعة، وجوهها كوجوه اللّيوث الخادرة، ووثباتها على الطّريدة وثبات الفئة المؤمنة على الفئة الكافرة، مقلّصة الخواصر، عزماتها على الوحش حواصر؛ ما أطلقت على صيد إلا قنصته سريعا، ولا بصرت بعانة من حمر إلا أخذتها جميعا.
ثم الحوامي المعلّمة، والضّواري التي أضحت بالنّجح متوسّمة، ما منها إلّا طاوي الخاصرة، وثباته طائلة غير قاصرة، بنيوب كالأسنّة،