يطوف بالدهليز أمراء الحرس بالشّموع المرفوعة، والمزاهر المسموعة، فإذا طلع الفجر مستطيلا، وجاء الصّبح شيئا قليلا، عرضت عليه النّعم فأعطاها، والمهمّات الإسلامية فقضاها، وقدّمت له الجياد المسوّمة فامتطاها، ويسرح إلى الصّيد والجوارح التي صادت بالأمس قد استأسدت، وبسعادته إلى ظفرها قد أرشدت؛ فإذا سار ركابه الشّريف فرّقت على أثره عساكر الإسلام، وقوّضت تلك الخيام كأنها الأيّام.
ولم يبرح ذلك دأبه في كلّ يوم من أيّام حركته حتّى يأخذ حظّه من صيد الطّير، فعند ذلك يثني عنان السّير، إلى اقتناص الوحش فيعدّ لإمساكها كلّ هيكل قيد الأوابد «١» قد عقد الخير بناصيته فأصبح حسن المعاقد.
فمن أشهب: كريم المغار، ذي إهاب من النّهار، وأديم كأنّه صحيفة الأبرار، أبيض مثل الهدى، له في الصّبح إثارة النّصر وإغارة على العدا؛ علا قدرا وغلا قيمة، وله إلى آل أعوج «٢» نسبة مستقيمة، إذا استنّ في مضمار يسبق البروق الخاطفة، ويخلّف الرّيح حسرى وهي واقفة، يجده الفارس بحرا، وله عند مجرى العوالي مع السّوابق مجرى.
ومن أحمر: كأنّما صبغ بدم الأعداء أديمه، وكأنّما هو شقيق الشّقيق وقسيمه؛ كرمت غرره وحجوله، وحسنت أعراقه وذيوله، مكرّ مفرّ كجلمود صخر حطّته من عليّ سيوله»
؛ حكى لونه محمرّ الرّحيق، وله كلّ يوم ظفر جديد مع أنه عتيق.