للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شريف، وأرومتك كريمة، والعرق منجب، والعدد دثر «١» ، والأمر جميل، والوجوه حسان، والعقول رزان، والعفاف ظاهر، والذّكر طيّب، والنّعمة قديمة، والصّنيعة جسيمة، وما مثلكم إلا كما قال الشّاعر:

إنّ المهالبة «٢» الكرام تحمّلوا ... دفع المكاره عن ذوي المكروه

زانوا قديمهم بحسن حديثهم ... وكريم أخلاق بحسن وجوه!

النعمة محفوظة بالشّكر، والأخلاق مقوّمة بالأدب، والكفاءة محفوفة بالحذق، والحذق مردود إلى التوكّل، والصّنع من وراء الجميع إن شاء الله.

هذا إلى ما ألبسك الله من القبول، وغشّاك من المحبّة، وطوّقك من الصّبر، فبقي الآن أن نشتهي ما أنت فيه شهوة في وزن هذه المرتبة، وفي مقدار هذه المنزلة، فإنّ الرغبة وإن قويت، والرّهبة وإن اشتدّت، فإنهما لا يثمران من النشاط، وينتجان من القوّة على المباشرة والكدّ، ما تثمره الشّهوة وإن ضعفت، والحركة من ذات النّفس وإن قلّت، لأن النّفس لا تسمح بمكنونها كلّه، وتجود بمخزون قواها أجمع، إلا بالشهوة دون كلّ علّة محرّكة، وكلّ سبب مهيّج.

قال يحيى بن خالد لجعفر بن يحيى حين تقلّد الوزارة، وتكلّف النّهوض بأعباء الخلافة: «أي بنيّ، إنّي أخاف عليك العجز:

لعظيم ما تقلّدت، وجسيم ما تحمّلت. إني لست آمن أن تتفسّخ تحت ثقلها تفسّخ الجمل تحت الحمل الثّقيل. قال جعفر: لكنّي أرجو القوّة، وأطمع أن أستقلّ بهذا الثّقل وأنا مبتهل غير مبهور، وأجيء قبل السّوابق وأنا ثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>