ولو أنّ لي في كلّ منبت شعرة ... لسانا يطيل الشّكر فيه لقصّرا!
وهذه نسخة رسالة للشيخ الإمام العالم معين الدّين تاج العلماء، خطيب الخطباء، زين الأئمة، قدوة الشّريعة، الصّدر أبي الفضل يحيى بن جعفر «١» بن الحسين بن محمد الحصكفي رحمه الله، سماها:«عتاب الكتّاب، وعقاب الألقاب، المشتملة على أصول الغريب والإغراب» وهي:
عذيري من وزراء النصبة وكتّابها، وكبراء الدّسوت وأربابها، وأواخي الدّول وأطنابها، ونوّاب الدّواوين وأنيابها «٢» ، وجباة بيوت الأموال، والسّعاة في زمّ نشر الأحوال، وساسة الممالك، وصحف أسرار المآلك «٣» ، الشّامخين بأنوف التّيه والكبرياء، والسّاحبين ذيول العجب والخيلاء، الرّافلين في حلل البهاء، والغافلين عن فروض العلاء، الذين تبوّؤوا السّؤدد من غير سداد، وتسنّموا الرّتب بلا إعداد، فكأنهم الحاصب، وعدوّ الله المناصب؛ شغلهم الأشر والفجور، وكلّ على بسطته يجور؛ همهم محح «٤» الأجراح، وشجّ الراح بالماء القراح، وامتطاء المرد، والعتاق الجرد؛ أملهم تنجيد الأفنية، وتشييد الأبنية، والزّيادة في الرّقيق والكراع والخول والاتباع، وليس بغال، كثرة خيل وبغال، بما باعوه من الورع والدّيانة وأضاعوه من العفة والصّيانة:
قد ملكوا الدّنيا على غرّة ... ونافسوا فيها السّلاطينا!