يحرس مائدته الدّلو والعقرب، وهما منّا أدنى وأقرب؛ يعجبه التّثمير والاحتجان، ويلذّ له التّوفير والاختزان؛ وقصر مفاجأة أحوال، تصرّح عن أهوال؛ وكأنّك بالأيام بعد الابتسام، شاهرة للحسام؛ قد كشرت عن أنيابها العصل، في بكرها والأصل، وأجلت عن سليب مسحوب، لتنكّر مصحوب؛ وآخر يتردّد في البوس، ويخلّد في الحبوس؛ قد حصل على سلّة الحاوي، من سلة الحلاوي، ومن طعم العسل، على طعن الأسل، ومن العذب البارد، على حزّ المبارد:
تقبض من خطوه الكبول ... فهو على قيده يبول
خلا من الخير فهو طبل ... وهكذا تضرب الطّبول
يشكو إلى الله مستغيثا ... وما له عنده قبول
ذاك بما كان مستطيلا ... تردي دواهيه والميول!
فهم بين حصى تعصر، وقفا يقصر، وكعاب مثقوبة، وأنواع عقوبة؛ أو يقال فلان أنارته شعوب «١» ، ووارته الجبوب، واكتفى بسلفة الممات، من المقدّمات؛ وما ظنّك بالشّلو الطّريح، في ضنك الضّريح، تحته البرزخ الموصود، وفوقه الجبل المنضود؛ انظر كيف هجر بابه المقصود، وجانبت جنابه الوفود، وأخلقت رباعه، وتفرّقت أتباعه؛ ثم تشويه الحوب «٢» ، أبشع من تشويه الشّحوب؛ وويل للقوم البور، من بعثرة القبور:
ويا خسار الأنفس الغاويه ... من بعد تلك الحفر الهاويه
وكلّ من خفّت موازينه ... فأمّه في بعثه هاويه
وليس يدري ويحه ماهيه ... نار على سكّانها حاميه!
أعاذنا الله من خلال يقضي جهلها بالشّنار، وأفعال تفضي بأهلها إلى النّار، بكرمه وإحسانه، وطوله وامتنانه.