وتحريره، وكيفية التّثنية والجمع، والفصل والوصل والابتداء والقطع، وأنواع الأبنية وتغيّرها عند اللّواحق، وكيفية تصريف الفعل عند تجرّده عن العوائق، وأمثلة الألفاظ المفردة في الزنة والهيئة وما يختصّ من ذلك بالأسماء والأفعال، وتمييز الجامد منها والمشتقّ وأصناف الاشتقاق، وكيف هو على التّفصيل والإجمال.
على أنّك لو خلّيت ومجرّد التعريف، وبيان المقاصد بالاصطلاح أو التّوقيف، لكان «علم الخطّ» يقوم مقامك في الدّلالة الحاليّة لدى الملتقى، ويترجّح عليك ببعد المسافة مع طول البقا؛ مع ما فيه من زيادة ترتيب الأحوال، وضبط الأموال، وحفظ العلوم في الأدوار، واستمرارها على الأكوار، وانتقال الأخبار من زمان إلى زمان، وحملها سرّا من مكان إلى مكان؛ بل ربّما اكتفي عنك بالإشارة والتّلويح، وقامت الكناية منها مقام التصريح.
فعندها غضب علم النّحو واكفهرّ، وزمجر واشمخرّ، وقال: يا لله! «استنّت الفصال حتّى القرعا»«١» ، و «استنسرت البغاث» فكان أشدّ ثلمة وأعظم صدعا، لقد ادّعيت ما ليس لك ففاتك الحبور، و «من تشبّع بما لم ينل فهو كلابس ثوبي زور» ؛ وهل أنت إلا بضعة منّي؟، تسند إليّ وتنقل عنّي، لم يزل علمك بابا من أبوابي، وجملتك داخلة في حسابي، حتّى ميّزك «المازنيّ» فأفردك بالتّصنيف، وتلاه «ابن جنّي» فتبعه في التأليف؛ واقتصر «ابن مالك» منك في تعريفه على الضروريّ الراجب، وأحسن بك «ابن الحاجب» في شافيته فرفع عنك الحاجب، وأنت مع ذلك كلّه مطويّ ضمن كتبي، نسبتك متّصلة بنسبتي وحسبك لا حق بحسبي، أنا ملح الكلام، ومسك الختام، لا يستغني عنّي متكلم، ولا يليق جهلي بعالم ولا متعلم؛ بي