وعميدها الذي عليه يعتمد ونجمها الذي به يهتدى؛ فلولا إرشادي لضلّ سعي المكلّفين، ولأمسوا في ديجاء مدلهمّة فأصبحوا عن ركائب الخير مخلّفين.
وناهيك أن من جملة أفرادي، وآحاد أعدادي:- «علم الفرائض» الذي حضّ الشارع على تعلّمه وتعليمه، وأخبر بأنّه نصف العلم منبّها على تعظيم شأنه وتفخيمه، وبالغ في إثبات قواعده وإحكام أسّه، فقال:«إنّ الله لم يكل قسمة مواريثكم إلى ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل بل تولّاها فقسمها بنفسه» .
فقال «علم أصول الفقه» : إن مقالك لعال، وإنّ جيدك لحال؛ غير أنّي أنا المتكفّل بتقرير أصولك، وتوجيه المسائل الواقعة في خلال أبوابك وفصولك؛ بي تعرف مطالب الأحكام الشّرعيّة العملية وطرق استنباطها، ومواد حججها واستخراجها بدقيق النّظر وتحقيق مناطها؛ فبأصولي فروعك مقرّرة، وبمحاسن استدلالي حججك منقّحة محرّرة؛ قد مهّدت طرقك حتى زال عنها الإلباس، وبنيت على أعظم الأصول فروعك فاسندتها للكتاب والسّنّة والإجماع والقياس.
فقال «علم الجدل» : قد علمت أن الدّليل لا يقوم برأسه، ولا يستقلّ بنفسه، بل لا بدّ في تقريره من النّظر في معرفة كيفيّة الاستدلال، والطّريق الموصّل إلى المطلوب على التّفصيل والإجمال؛ وأنا المتكفّل بذلك، والموصّل بكشف حقائق البحث إلى هذه المدارك؛ بي تعرف كيفيّة تقرير الحجج الشّرعيّة، وقوادح الأدلة وترتيب النّكت الخلافيّة؛ فموضوعك عليّ محمول، ونظرك إلى نظري بكلّ حال موكول.
فقال «علم المنطق» : خفّض عليك! فهل أنت إلا نوع من قياساتي المنطقيّة أفردت بالتّصنيف، وخصصت بالمباحث الدّينية فخالطت أصول الفقه في التأليف؟؛ فأنت إذا فرد من أفرادي، وواحد من أعدادي، مع ما اشتمل عليه سواك من القياسات البرهانيّة القاطعة في المناظرات،