والقياسات الخطابيّة والبلاغات النّافعة في مخاطبات الجمهور على سبيل المخاصمات والمساورات؛ وكذلك حال القياسات الشّعريّة، وكيف يستعمل التّشبيه المفيد للتّخيّل الموجب للانفعالات النّفسانيّة: كالإغراء والتّحذير، والتّرغيب والتّرهيب والتّعظيم والتّحقير، وغير ذلك من معرفة الألفاظ والمعاني المفردة من حيث هي عامّة كلّيّة، وتركيب المعاني المفردة بالنسبة إلى الإيجابية والسّلبية؛ تعصم مراعاتي الفكر عن الخطإ فلا يزلّ، وتهديه سواء السّبيل فلا يحيد عن الصّراط السّويّ ولا يضلّ، وأسري في جميع المعقولات فأتصرّف فيما يدقّ منها ويجلّ.
فقال علم «دراية الحديث» : قد علمت بما ثبتت به الأدلّة بالتّلويح والتّصريح، أنه لا مجال للعقل في تحسين ولا تقبيح؛ وحينئذ فلا بدّ من نصّ شرعيّ تعتمد عليه، وتستند في مقدّماتك إليه؛ ولا أقوى حجّة، وأوضح محجّة، من كلام الرّسول صلّى الله عليه وسلّم، الذي لا ينطق عن الهوى إذا تكلّم؛ فإذا استندت إلى نصوصه، واعتمدت عليه في عمومه وخصوصه، فقد حسن منك المقدّم والتّالي، وكانت مقدّماتك في البحث أمضى من المرهفات ونتائجك أنفع من العوالي؛ وقد تحققت أنّي إمام هذا المقام، ومالك قياد هذا الزّمام.
فقال «علم رواية الحديث» : لقد ذكرت من الصّحيح المتّفق عليه بما لا طعن فيه لمريب، وتعلّقت من كلام النّبوّة بأوثق سبب فأتيت بكل لفظ حسن ومعنى غريب؛ إلا أن الدّراية، موقوفة على الرّواية؛ وكيف يقع نظر الناظر في حديث قبل وصوله إليه، أو يتأتّى العلم بمعناه قبل الوقوف عليه؟؛ وهل يثبت فرع على غير أصل في مقتضى القياس، أو يرقى من غير سلّم أو يبنى على غير أساس؟؛ فعلى المحدّث تقديم العلم بالرواية بشرطها، ومعرفة أقواله صلّى الله عليه وسلّم بالسّماع المتّصل وتحريرها وضبطها.
فقال «علم التّفسير» : قد تبيّن لدى العلماء بالشّريعة أن حكم الكتاب والسّنّة واحد، وإن اختلفت في الأسماء فلم تختلف في المقاصد؛ إلا أنهما