إذا قال بذّ القائلين ولم يدع ... لملتمس في القول جدّا ولا هزلا
إن تكلّم في الفقه فكأنما بلسان «الشّافعيّ» تكلّم، و «الرّبيع» عنه يروي و «المزنيّ» منه يتعلّم، أو خاض في أصول الفقه، قال «الغزاليّ» : هذا هو الإمام باتفاق، وقطع السّيف «الآمديّ» بأنه المقدّم في هذا الفنّ على الإطلاق، أو جرى في التّفسير، قال «الواحديّ» : هذا هو العالم الأوحد، وأعطاه «ابن عطيّة» صفقة يده بأن مثله في التّفسير لا يوجد، واعترف له «صاحب الكشّاف» بالكشف عن الغوامض، وقال الإمام «فخر الدّين» : «هذه مفاتيح الغيب وأسرار التّنزيل» فارتفع الخلاف واندفع المعارض، أو أخذ في القراءات والرّسم أزرى بأبي «عمرو الدّاني» ، وعدا شأو «الشّاطبيّ» في «الرّائية» وتقدّمه في «حرز الأماني» ، أو تحدّث في الحديث شهد له «السّفيانان» بعلوّ الرتبة في الرّواية، واعترف له «ابن معين» بالتّبريز والتّقدّم في الدّراية، وهتف «الخطيب البغداديّ» بذكره على المنابر، وقال «ابن الصّلاح» : لمثل هذه الفوائد تتعيّن الرّحلة وفي تحصيلها تنفد المحابر، أو أبدى في أصول الدّين نظرا تعلّق منه «أبو الحسن الأشعريّ» بأوفى زمام، وسدّ باب الكلام على المعتزلة حتّى يقول «عمرو بن عبيد» و «واصل بن عطاء» ليتنا لم نفتح بابا في الكلام، أو دقّق النظر في المنطق بهر «الأبهريّ» في مناظرته، وكتب «الكاتبيّ» على نفسه وثيقة بالعجز عن مقاومته، أو ألمّ بالجدل رمى «الأرمويّ» نفسه بين يديه، وجعل «العميديّ» عمدته في آداب البحث عليه، أو بسط في اللغة لسانه اعترف له «ابن سيده» بالسّيادة، وأقرّ بالعجز لديه «الجوهريّ» وجلس «ابن فارس» بين يديه مجلس الاستفادة، أو نحا إلى النّحو والتّصريف أربى فيه على «سيبويه» ، وصرف «الكسائيّ» له عزمه فسار من البعد إليه، أو وضع أنموذجا في علوم البلاغة وقف عنده «الجرجانيّ» ، ولم يتعدّ حدّه «ابن أبي الاصبع» ولم يجاوز وضعه «الرّمانيّ» ، أو روى أشعار العرب أزرى ب «الأصمعيّ» في حفظه، وفاق