للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أبا عبيدة» في كثرة روايته وغزير لفظه، أو تعرّض للعروض والقوافي استحقّها على «الخليل» ، وقال «الأخفش» : عنه أخذت «المتدارك» واعترف «الجوهريّ» بأنه ليس له في هذا الفن مثيل، أو أصّل في الطّبّ أصلا قال «ابن سينا» : هذا هو القانون المعتبر في الأصول، وأقسم «الرازيّ» بمحيي الموتى إن «بقراط» لو سمعه لما صنّف «الفصول» ، أو جنح إلى غيره من العلوم الطبيعية فكأنما طبع عليه، أو جذب له ذلك العلم بزمام فانقاد إليه، أو سلك في علوم الهندسة طريقا لقال «أو قليدس» : هذا هو الخطّ المستقيم، وأعرض «ابن الهيثم» عن حلّ الشكوك وولّى وهو كظيم، وحمد «المؤتمن بن هود» عدم إكمال كتابه «الاستكمال» وقال: عرفت قدر نفسي: وفوق كلّ ذي علم عليم، أو عرّج على علوم الهيئة لا عترف «أبو الرّيحان البيرونيّ» أنه الأعجوبة النادرة، وقال «ابن أفلح» : هذا العالم قطب هذه الدائرة، أو صرف إلى علم الحساب نظره لقال «السّموأل بن يحيى» : لقد أحيا هذا الفنّ الدّارس، ونادى «ابن مجلي الموصليّ» : قد انجلت عن هذا العلم غياهبه حتى لم يبق فيه عمه لعامه ولا غمّة على ممارس.

وقد وجدت مكان القول ذا سعة ... فإن وجدت لسانا قائلا فقل!

وكيف لا تلقي إليه العلوم مقاليدها، وتصل به الفضائل أسانيدها، وهو ابن شيخ الإسلام وإمامه، وواحد الدّهر وعلّامه، وجامع العلوم المنفرد، ومن حقّق وجوده في أواخر الأعصار أنّ الزّمان لا يخلو من مجتهد، ومن لم يزل موضوع الأوضاع المعتبرة عليه محمولا، ومن كان على رأس المائة الثّامنة مضاهيا لعمر بن عبد العزيز على رأس المائة الأولى؛ فالخناصر عليه وعلى ولده تعقد، ولا غرو إن قام منشدهما فأنشد:

إن المائة الأولى على رأسها أتى ... لها عمر الثّاني لذا الدّين صائنه

ووالى رجال بعد ذاك كمثله ... فها عمر وافى على رأس ثامنه

<<  <  ج: ص:  >  >>