للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يظاهره نجل سعيد غدت به ... معاقل علم في ذرا الحقّ آمنه

إذا شيخ إسلام أضاء سراجه ... رأيت جلالا من سنا الفضل قارنه!

فلا يعدم الإسلام جمع علاهما ... ولن يبرحا للدّين دأبا ميامنه!

فقال «علم الأخلاق» : أصبت سواء الثّغرة وجئت بالرّأي الأكمل، وعرفت من أين تؤكل الكتف فطبّقت المفصل بالمفصل؛ إلا أنّ من محاسن الأخلاق، ومعالم الإرفاق، أن تعودوا بفضلكم، وترجعوا بمعروفكم وبرّكم، إلى من جرى بكم في التّفاخر مجرى الإنصاف، وبسط لسان كلمه بما اشتمل عليه كلّ منكم من جميل الأوصاف؛ ثم كان من شأنه أن وصل بالاتّفاق والالتئام حبلكم، وجمع بالمحلّ الكريم بعد التباعد شملكم، وذكركم بحسن المصافاة أصل الوداد القديم، وتلا بلسان الألفة فيكم: فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ

«١» ، بأن ينتصب كلّ منكم له شفيعا إلى هذا السّيّد الجليل، ويكون له وسيلة إلى هذا الإمام الحفيل، أن يصرف إليه وجه العناية، وينظر إليه بعين الإقبال والرّعاية، ليعزّ في الناس جانبه، ويطلع في أفق السّعد بعد الأفول غاربه، ويبلغ من منتهى أمله ما له جهد، ويسعد بالنّظر السعيد جدّه فقد قيل: «من وقع عليه نظر السّعيد سعد» .

على أنه- أمتع الله الإسلام ببقائه وبقاء والده، وجمع بينهما في دار الكرامة كما جمع لهما بين طارف المجد وتالده- قد فتح له من التّرقّي أوّل باب، ولا شكّ أنّ نظرة منه إليه بعد ذلك ترقّيه إلى السّحاب.

فأزرق الفجر يبدو قبل أبيضه ... وأوّل الغيث قطر ثم ينسكب!

فقال «علم التاريخ» : اهبطوا مصرا فإنّ لكم ما سألتم، وقرّوا عينا فإلى القصد الجليل وصلتم، وعلى غاية الأمل- ولله الحمد- حصلتم؛ فقد بلوت الأوائل والأواخر، وخبرت حال المتقدّم والمعاصر، فلم أر فيمن مضى

<<  <  ج: ص:  >  >>