وحرس الله سيّدنا شهاب زمانهم، كما حرس به سماء ديوانهم؛ فلقد أسمعنى من الشّكر ما أربى على الأرب، وجعلني كحاجب «١» حين دخل على كسرى وهو واحد من العرب خرج وهو سيّد العرب، وهدتني أنواره وأنا أخبط من ليل القريحة في عشواء، وجادت عليّ أنواؤه وناهيك بتلك الأنوار من الأنواء، ورفعتني ألفاظه ولكن على السّماك برغم حسودي العوّاء؛ وهذه قصائده فيّ تتدارسها ألسنة الأقلام، وتكتب بأنقاس اللّيالي على صفحات الأيّام؛ من كلّ بيت هو بيت مال لا ينقصه الإنفاق، ولولا التّقى لقلت: إنّه البيت الذي أمر الله تعالى بحجّه الرّفاق من الآفاق؛ فمتى أتفرّغ لطلب مدحه، وقد شغلني بمنحه؟ ومتى أجاريه بامتداح وإنما مدحي له من فوائد مدحه:
وما هو إلّا من نداه وإنّما ... معاليه تمليني الذي أنا كاتبه!
أم أتعجّب ممن ثنيت عنان الثّناء إليه، وجلوت عرائس المدائح عليه، وعاديت في تنضيد أو صافه الكرى، وأنضيت بالقلم له في نهار الطّرس وليل النّقس من السّير والسّرى، ومدحته بملء فيّ واجتهدت في وصفه وكان سواء علىّ أن أجهدت، في وصفه أو اجتهدت، فجازاني مجازاة السّنمّار «٢» ، وأوقعني من عنت عتبه في النّار، وجعل محاسني التي أدلي بها ذنوبا فكيف يكون الاعتذار؟:
وكان كذئب السّوء إذ قال مرّة ... لعمروسة «٣» والذّئب غرثان مرمل: