يفسح لي التّعجّب من أبناء الزّمان لنقصهم أن أصحّح نقدا ولا وزنا؛ أجنح لسلم الأيّام فكأنّي لحربها جنحت، وأقدح فكرتي في استعطاف الزّمان فكأنّي فيه قد قدحت؛ فلو قضى الله لي بالمنية من المنيّة لأرحت الزّمان واسترحت:
فالأرض تعلم أنّني متصرّف ... من فوقها وكأنني من تحتها!
ولا فرق فيما بيننا غير أنّنا ... بمسّ الأذى ندري ومن مات لا يدري
ولا بدّ لي أن أطلّق هذه الصّناعة طلاقا قطعيّا، لا طلاقا رجعيّا، وأجاهرها جهارا حربيّا لا جهارا عينيّا، وأضع صعدة حملها من أدب عن بدني، وأتولى قوس داله مع سهم بائها فما أصبت غير كبدي؛ «كأنّما القوس منها موضع الوتر» ، و «وقلت اذهبي يا صبوتي بسلام» فماذا لقيت من آفاتها، ومنيت به من الخوف في عرفاتها، ومطرت لا من عوارض قطرها ولكن من عوارض مرجفاتها:
وإنّي رأيت الحبّ في القلب والأذى ... إذا اجتمعا لم يلبث الحبّ يذهب!
ومع هذا الحديث لم أشكّ أنّ أحدا سينتقد على تشبيهي، وطرقه قديمة في استفتاح المكاتبة، واستنجاح المخاطبة، ويقول: تلك أمّة قد خلت، ودولة فاضليّة أدبرت مثل ما أقبلت؛ فكيف تبعها وترك طريقة فضلاء عصره، وأبناء مصره؛ فالجواب ما قاله القاضي السّعيد بن سناء الملك رحمه الله تعالى، فما كان أسعد خاطره!، وأكثر ذهب لفظه وجواهره!!:
إنّي رأيت الشّمس ثم رأيتها ... ماذا عليّ إذا عشقت الأحسنا؟!
(وذكرت أن الاس عدره ونسيت أن الاس أفعلها)«١» .
انتهت إلى هذا الموضع، والدّيك قد نعى بعيد الظّلام، وبلّغ عن