للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا نشط هذا الكاتب من هذا العقال، وتصرّف في فنون هذا المقال، وخرج من هذه الأسئلة خروج السّيف من الصّقال، امتدّت كفّ الثّريّا في هذا النّسيان بمسح جبهته، وجاء بجواب هذا النكث كما يقال: برمّته، وأماط لثامها، وشمّر عن أزهارها أكمامها- انقطعت الأطماع دون غايته، وبسطت أيدي رسائل البلغاء لمبايعة رسالته، بل أتته وحمل قلمه على أقلام فرسان الكلام سوداء رايته، وبان هنالك ظلم العائب وحيفه، فكان كمن سلّ لنحره سيفه، وعذر على توالي التّأنيب مؤنّبه، وكان يومئذ له الويل لا لمن يكذّبه، وامتاز هذا الفاضل بما تحدثه هذه الواقعة من الفخر وتجلبه:

فعاجوا فأثنوا بالّذي أنت أهله ... ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب!

والمسؤول من إحسان سيّدنا أن يسدّ الخلل كيف ما وجده، ويصلح الخطأ والخطل كما عوّدته منه وكما عوّده؛ فإنّه أمير هذه الصّناعة ونحن الرعايا، وشيخ الفصاحة ونحن الفقراء الذين كم وجدنا في زواياه منها خبايا؛ وما هذه الرسالة إلا يد امتدّت تسأل من الحلم ما يسعها، وهذه السّطور إلا حبائل تتصيّد من عوائده ما ينفعها ويرفعها.

فأرخ عليها ستر معروفك الّذي ... سترت به قدما عليّ عواري!

والله تعالى العالم أنها وردت عن قلب مذهول عن حسن الإيقان، معدّد عليه نوائب الدّهر بأنامل الخفقان، مرميّ بسهام الأعادي في قسيّ الضّلوع، غائص في بحر الهمّ وكلما رمت أن يلقي إليّ درّ الكلام ألقى درّ الدّموع:

أبكي فتجري مهجتي في عبرتي ... وكأنّ ما أبكيته أبكاني!

لا يدع لي الفكر في قلّة [مصافاة] «١» الإخوان وقتا أستنبط فيه معنى، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>