وأنّ سبيل كلّ أحد منها سبيل ذي الأعواد «١» ، وقصاراي ولو اتخذت الأرض مسكنا وأهلها خولا سبيل ربّ القصر من سنداد «٢» ، ولو عمّرت عمر نوح كنت كأنّي وآدم وقت الوفاة على ميعاد؛ فإن شئت فارفع عصا التّسيار أوضع؛ فما هو إلّا:«حارب بجدّ أودع» .
فبينا أنا أعوم في هذه الخواطر متفكّرا، وأقرع سنّ النّدم على تقضّي عمري في غير مآربي متحسّرا، وأتسلّى بمصارع الأوّلين أخرى معتبرا:
ولو أنجزتني الأيام مواعيد عرقوب، لأفضت بي إلى أحلى من ميراث العمّة الرّقوب، ولقد تقاعس أملي حتى قنعت بحالي «وشرّ ما ألجأك «٣» إلى مخّة عرقوب» ثم يخاطبني حجاي بأن تثبّت واصبر، فالليل طويل وأنت مقمر، فستبلغ بك الأسباب، وينتهي بك إلى المقدور الكتاب؛ فلا تعجل «فجري المذكيات غلاب»«٤» .
فاستروحت إلى فتح باب كان مرتجا، وارتدت باستجلاء محيّا السماء من بعض همّي فرجا، وانتشقت من نسيم السّحر ما وجدت به من ضيق فكري مخرجا، ففتحته عن شبّاك كتخطيط الأوفاق، أو كرقعة شطرنج وضعت بين الرّفاق؛ ألبس من صبغة اللّيل شعارا، واتّخذ لاستجلاء وجه الغزالة نهارا؛ جلد على القيام والكدّ، صبور على الحالين في الحرّ والبرد؛ يحوّل