للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوّل مرّة؛ قد مال على ما فيها من شون الغلال كلّ الميل، وتركها تتلو بفمها الذي شفتاه مصراعا بابها: يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ

«١» .

قلت: فجزيرة أروى «٢» ؟ قال: قد أفسد جلّ ثمارها، وأتى على مغانيها فلم يدع شيئا من رديّها وخيارها؛ أخلق ديباجة روضها الأنف، وترك قلقاسها في الجروف على شفا جرف:

بعيني رأيت الماء يوما وقد جرى ... على رأسه من شاهق فتكسّرا!

طالما تضرّع بأصابعه إلى ربّه، ولطم برؤوسه الحيطان مما جرى من الماء على قلبه، وتمثّل بقول الأوّل:

وإن سألوك عن قلبي وما قاسى ... فقل: قاسى، وقل: قاسى وقل: قاسى،

لم يفده تحصّنه من ورقه بالدّرق والسّتائر، ولا حنّ عليه حين تضرّع بأصابعه فصحّ أن الماء سلطان جائر.

قلت: فحكر ابن الأثير «٣» ؟ قال: لم يبق منه غير الثّلث والثلث كثير؛ قد أخمل من دوره خمائلها، وجعل عاليها سافلها؛ فكم دار أعدم صاحبها قراره، ونادى في عرصاتها المتداعية: إيّاك أعني فاسمعي يا جارة؛ فأصبحت بعد نفعها قليلة الجدا، مستولية عليها يد الرّدى، شبيهة بدار الدّنيا لأنها دار متى أضحكت في يومها أبكت غدا.

قلت: فبولاق؟ قال: إملاق، قد التفّت بها من الزّلق السّاق بالسّاق،

<<  <  ج: ص:  >  >>