للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صخرا، أو هدم به بناء مشمخرّا؛ ونظر إلى رفيقه، مبشّرا له بما امتاز به عن فريقه.

وإذا به قد أظلته عقاب كاسر، كأنّما أضلّت صيدا أفلت من المناسر؛ إن حطّت فسحاب انكشف، وإن أقامت فكأنّ قلوب الطّير رطبا ويابسا لدى وكرها العنّاب والحشف «١» ، بعيدة ما بين المناكب:

إذا أقلعت لجّت علوّا كأنّما ... تحاول ثأرا عند بعض الكواكب «٢»

يرى الطّير والوحش في كفّها ... ومنقارها ذا عظام مزاله

فلو أمكن الشّمس من خوفها ... إذا طلعت ما تسمّت غزاله!

فوثب إليها الثامن وثبة ليث قد وثق من حركاته بنجاحها، ورماها بأوّل بندقة فما أخطأ قادمة جناحها؛ فأهوت كعود صرع، أو طود صدع؛ قد ذهب باسها، وتذهّب بدمها لباسها؛ وكذلك القدر يخادع الجوّ عن عقابه، ويستنزل الأعصم من عقابه، فحملها بجناحها المهيض، ورفعها بعد التّرفّع في أوج جوّها من الحضيض، ونزل إلى الرّفقة، جذلا بربح الصّفقة.

فوجد التّاسع قد مرّ به كركيّ طويل الشّفار، سريع النّفار، شهيّ الفراق، كثير الاغتراب يشتو بمصر ويصيف بالعراق؛ لقوادمه في الجوّ حفيف، ولأديمه لون سماء طرأ عليها غيم خفيف؛ تحنّ إلى صوته الجوارح، وتعجب من قوّته الرّياح البوارح؛ له أثر حمرة في رأسه كوميض جمر تحت رماد، أو بقيّة جرح تحت ضماد، أو فصّ عقيق شفت عنه بقايا ثماد؛ ذو منقار كسنان، وعنق كعنان؛ كأنّما ينوس، على عودين من آبنوس:

<<  <  ج: ص:  >  >>