فصبر له حتّى جازه مجلّيا، وعطف عليه مصلّيا، فخرّ مضرّجا بدمه، وسقط مشرفا على عدمه؛ وطالما أفلت لدى الكواسر من أظفار المنون، وأصابه القدر بحبّة من حمإ مسنون؛ فكثر التكبير من أجله، وحمله على وجه الماء برجله «١» .
وحاذاه غرنوق حكاه في زيّه وقدره، وامتاز عنه بسواد رأسه وصدره؛ له ريشتان ممدودتان من رأسه إلى خلفه، معقودتان من أذنيه مكان شنفه «٢» :
له من الكركيّ أوصافه ... سوى سواد الصّدر والرّاس
إن شال رجلا وانبرى قائما ... ألفيته هيئة برجاس!
فأصغى العاشر له منصتا، ورماه متلفّتا؛ فخرّ كأنّه صريع الألحان، أو نزيف بنت الحان؛ فأهوى إلى رجله بيده [وأيده]«٣» ، وانقضّ عليه انقضاض الكاسر على صيده.
وتبعه في المطار ضوع «٤» ، كأنّه من النّضار مصنوع، تحسبه عاشقا قد مدّ صفحته، أو بارقا قد بثّ لفحته:
طويلة رجلاه مسودّة ... كأنّما منقاره خنجر
مثل عجوز رأسها أشمط ... جاءت وفي رقبتها معجر «٥» !