للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وشرّف من اعتزى إليه بالقربى أو اعتزّ منه بصهر أو نسب، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذي أرضاهم ورضي عنهم، وكرّمهم بصلته الشريفة لما زوّجهم وتزوّج منهم، وسلّم تسليما كثيرا.

أما بعد، فإنّ من عادة الغمام أن يتفقّد الأرض بمطره، والبحر أن يسقي الزّروع بما فاض من نهره، والمصابيح أن تمدّ بأنوارها ما يتوقّد، والسّماء أن لا يخلو أفقها من اتّصال فرقد بفرقد؛ ولو توقّفت القربى على مقاربة كبير، أو مقارنة نظير، لما صلحت الأغماد لمضاجع السّيوف ولا دنت الكواكب من الشّمس والقمر المنير، ولا صافحت يمين شمالا، ولا جاورت جنوب شمالا، ولا حوت الكنائن سهاما، ولا جمع السّلك للجواهر نظاما، ولا طمح طرف إلى غاية، ولا قدر لسان إنسان على تلاوة سورة ولا آية؛ وإنّما الصّدقات الشّريفة الملوكية لها في البرّ عوائد، وفي الخير سجايا يقتدي فيها الولد بالوالد.

ولم يزل من المقام الشريف، الأعظم، العاليّ، المولويّ، السّلطانيّ، الملكيّ، النّاصريّ، أعزّ الله سلطانه على من لاذ به تسبل ذيول الفخار، وتودع في هالات أقمارهم ودائع الأنوار، وتؤهّل أهلّتهم لأن يكون منها أحد الأبوين لذرّيّته الأطهار، وتخطب من حجبهم كلّ مصونة يغور بها بدر الدّجى وتغار منها شمس النّهار.

وكان من تمام النّعمة الشريفة السلطانية، النّاصريّة، على من تعرّض لسحابها الماطر، ووقف للاغتراف من بحرها الزّاخر- ما رفعت به ذكره إلى آخر الأبد، وأتمّت له السعادة إذ كان يعدّ في جدود من ينسب إليه من ولد، وأكّدت له بالقربى مزيّة مزيد، واستخرجت من بحره جوهرة لا يطمع في التّطوّق بها كلّ جيد، وقالت: نحن أحقّ بتكميل ما بيننا، وتخويل الخؤولة من أولينا، وتأهيل من قرّ بنا عينا وقرّبناه إلينا، وتفضيل غرس نعمة نحن غرسناه واجتنينا ثمراته بيدينا، فاقتضى حسن الاختيار الشريف الملكيّ

<<  <  ج: ص:  >  >>