وعلى آله وصحبه صلاة لا يزال بها الرّوض الأرج يفوه، والسّحر يبلّغها ولو سكت وختم بالبرق فوه، وسلّم تسليما.
وبعد، فإن أزهى زهر طاب مجتنوه، وطال باعا في الفخار مجتبوه، زهر كمامة جرت عنها لأمة كميّ، وأبرزتها سنّة الإسلام من حجاب ذي أنف حميّ، وطلعت من أفق بدريّ طالما سنح مجتلوه، وحمى سيف أمن في كلئه بكلاءته مختلوه.
وكان الجناب الجماليّ عبد الله ابن المرحوم سيف الدّين أبي سعيد أمير حاجب، أدام الله تعالى علاه، ورحم أباه، هو ولد ذلك الوالد، وطارف ذلك التالد، ونشو هذه الدولة الشريفة الكاملية التي أخذ منها حظّه بالتمام والكمال، وأصبحت به كالغادة الحسناء ذات الحسن والجمال، ولم يمت أبوه في أيّام سلطانها- خلّد الله ملكه- حتّى قرّت به عينه، وساواه في الإمرة لولا تفاوت العدّة وقدم المدّة بينه وبينه، وجاء منه ولد نجيب، وابن شاع وذاع سرّ أبيه وحمد وهذا عجيب!!!.
ولما انتقل والده رحمه الله تعالى إلى رحمة ربّه، وشرب بالكأس الذي لا بدّ لكلّ حيّ من شربه- تطلّب مثل ذلك الأب ولم يزل يجدّ حتّى وجد، وظفر بوالد إن لم يكن ولده حقيقة فإنه عنده مثل الولد، وهو المقرّ بيدمر، وهو الوالد الذي لم يفقد معه من والده ذرّة، والأب الذي هو أرأف من كلّ أمّ برّة، والنّيّر البدريّ الذي سعد قرانا، وصعد وداس بقدمه أقرانا، وقسّم دهره شطرين: نهاره للضّيوف قرى وليله لله قرآنا.
هذا إلى أنه طالما طيّب لزكاة أمواله وثمّرها، وزيّن في أعماله بمدرسة عمّرها، وقيّد شوارد حسناته وثقّفها، مع أنه شيّد الممالك وسدّد أمورها، وسدّ ثغورها، وحمى ببيض سيوفه السّواد الأعظم، ورمى بصوائب سهامه